وأما قول شيخنا المشار اليه ويدل عليه خبر أبان أيضا فلا أعرف له وجها ، فان خبر أبان دل على التفصيل بالتفريط وعدمه ، كما هو المعمول عليه بين الأصحاب ، ولا دلالة فيه على أزيد من ذلك.
بقي الإشكال فيما قدمنا من الاخبار في مقامين ، أحدهما : ما دل عليه جملة منها كصحيحة الفضل بن عبد الملك ورواية عبيد بن زرارة ، ومرسلة أبان ـ من عدم ضمان المتاع إذا لم ينشره ولم يتعاهده ، ولم يتحركه حتى تأكل وهلك ، وان كان بذلك أفتى الصدوق في المقنع ، فقال : ان رهن عنده متاعا فلم ينشر المتاع ، ولم يخرجه ولم يتعهده ، ففسد فان ذلك لا ينقص من ماله شيئا انتهى وهو مشكل.
فإنك قد عرفت أن الرهن في يده أمانة مضمونة مع التفريط ، ومن الظاهر ان ترك المتاع الذي يتوقف حفظه وسلامته على النشر والتعاهد بغير نشر ولا تعاهد تفريط ، ولهذا قال العلامة في المختلف ـ بعد نقل عبارة المقنع : والأقرب أن على المرتهن الضمان ، لان ترك نشر الثوب المفتقر الى نشره يكون تفريطا ، والمفرط ضامن انتهى.
وكأنه (قدسسره) لم يخطر بباله الأخبار المذكورة التي هي مستند الصدوق في هذه الفتوى ، والا لكان الواجب عليه الجواب عنها ، ويمكن ـ وان بعد ـ حملها على عدم علمه بوصول الضرر الى المتاع مع بقائه على تلك الحال.
وثانيهما : ما دلت عليه مرسلة أبان الثانية من عدم تصديق المرتهن إذا ادعى ذهاب الرهن وحده ، فإنه مخالف لمقتضى القواعد المعمول عليه بين الأصحاب أيضا ، حيث أن المرتهن أمين كما عرفت ، والأمين مصدق بيمينه.
وبمضمون هذه الرواية أفتى ابن الجنيد ، فقال : والمرتهن يصدق في ضياع الرهن إذا كانت جائحة ظاهرة ، أو إذا ذهب متاعه ، والمرهون فان ادعى ذهاب الرهن وحده لم يصدق.
ورده العلامة في المختلف بما ذكرناه ، فقال : لنا انه أمين والقول قوله مع اليمين ، ونقل عنه الاحتجاج بأن دعواه ذهاب الرهن بخصوصه خلاف الظاهر وبالرواية ، ثم رد الأول بالمنع ، والرواية بالإرسال ، وأن في أبان قولا ، وهذا الجواب