السابعة : قد صرح جملة من الأصحاب بأنه إذا رهن عصيرا فصار خمرا بطل الرهن ، وبالغ أبو الصلاح فقال : فان صار خمرا بطلت وثيقة الرهن ، ووجبت إراقته ، والشيخ في الخلاف قال : يجوز إمساكه للتخلل والتخليل ، ولا يجب عليه الإراقة ، لأنه لا خلاف بين الطائفة في جواز التخلل والتخليل.
وقال في الشرائع : ولو رهن عصيرا فصار خمرا بطل الرهن ، فلو عاد خلا عاد الى ملك الراهن. وظاهر هذه العبارات بطلان الرهن رأسا بعد صيرورته خمرا.
وظاهر شيخنا الشهيد الثاني ـ في المسالك ـ حمل البطلان في كلامهم على كونه بطلانا مراعى ببقائه على الخمرية ، لأنه متى صار خمرا خرج عن ملك صاحبه فيبطل الرهانة لذلك ، لأنها مشروطة بالملكية ، ومتى صار خلا وصلح أن يكون ملكا عادت الملكية والرهانة.
ولهذا استدرك على المصنف في عبارته المذكورة ، من حيث حكمه بالبطلان ، وأنه بصيرورته خلا يعود الى الملك ، ولم يصرح بكونه يعود إلى الرهانة ، قال : والحاصل انهم لا يعنون ببطلان الرهن هنا اضمحلال أثره بالكلية ، بل ارتفاع حكمه ما دامت الخمرية باقية ، وتبقى علاقة الرهن لبقاء أولوية المالك على الخمر المتجدد للتخليل ، فكأن الملك والرهن موجودات فيه بالقوة القريبة ، لأن تخلله متوقع ، والزائل ـ المعبر عنه بالبطلان ـ الملك والرهن ، لوجود الخمرية المنافية ، ونظير ذلك أن زوجة الكافر إذا أسلمت خرجت بذلك من حكم العقد ، وحرم وطؤها عليه فإذا أسلم قبل انقضاء العدة عاد حكم العقد ، وكذلك إذا ارتد أحد الزوجين انتهى.
أقول : لقائل أن يقول : ان ما ذكره (قدسسره) من التوجيه لعود الرهن بعد بطلانه ـ وأن حكم الأصحاب بالبطلان مراعى ببقاء الخمرية ـ انما يصلح وجها للنص ، وبيان الحكمة فيه لو كان هنا نص ، لا أنه يصلح لتأسيس الحكم المذكور ، وبنائه عليه ، فان قضية الحكم بالبطلان بصيرورته خمرا وعدم صحة