الرهن في الأول موضع وفاق ، كما ذكره غير واحد منهم ، وان احتمل طرو الضمان بالتعدي في الوديعة ونحوها مما ذكر.
وأما في الثاني فهو أحد القولين ، حيث أطلقوا المنع عن أخذ الرهن في الأعيان ، نظرا الى أن مقتضى الرهن استيفاء المرهون به من الرهن ، وفي الأعيان يمتنع ذلك ، لامتناع استيفاء العين الموجودة من شيء آخر.
وقيل : بجواز الرهن عليها ، وبه صرح العلامة في التذكرة ، فقال : فالأقوى جواز الرهن عليها ، أى على الأعيان المضمونة (١) وأجابوا عما علل به وجه المنع ، بأن الأمر لا ينحصر في الاستيفاء عند وجود العين ، بل يمكن التوثق بالرهن ، لأجل أخذ عوضها عند تلفها ، قالوا : ولا يرد مثله في الأعيان التي ليست مضمونة ، حيث يحتمل تجدد سبب الضمان ، لعدم كونها وقت الرهن مضمونة ، فان الرهن انما يصح عند وجود سبب الضمان اما بدين أو ما في حكمه ، كالعين المضمونة ، بخلاف ما يمكن تجدد سبب ضمانه ، كما سيتجدد من الدين ، وإطلاق الأدلة الدالة على جواز الرهن على الحقوق يتناول محل النزاع ، والمراد بالثابت على الذمة في العبارة المتقدمة ما كان مستحقا فيها ، أعم من أن يكون ثبوته مستقرا كسائر الديون أو غير مستقر كالثمن في زمن الخيار ، وظاهر الأكثر أنه لا بد من ثبوته واستقراره في الذمة قبل الرهن.
قال في التذكرة : يصح عقد الرهن بعد ثبوت الحق وتقرره في الذمة ، وفي جوازه مع المقارنة وجه ، مال إليه في التذكرة حيث قال ـ بعد الكلام المتقدم نقله عنه ـ : أما لو قارنه وامتزج الرهن بسبب ثبوت الدين مثل أن يقول : بعتك هذا العبد بألف ، وارتهنت هذا الثوب به ، فقال المشترى : اشتريت ورهنت ، أو قال : أقرضتك هذه الدراهم وارتهنت بها دارك فالأقرب الجواز انتهى.
__________________
(١) قال في المسالك : حيث جوز الرهن على الأعيان المضمونة فمعناه الاستيفاء منه إذا تلف أو نقصت أو تعذر الرد ، والا فلا انتهى ـ منه رحمهالله.