البيع مطلقا أقوى وفيه ما لا يخفى.
وبالجملة فإنه قد تعارض إطلاق أدلة جواز بيع الرهن وإطلاق أدلة المنع من بيع أم الولد ، وتخصيص أحد الإطلاقين بالآخر يحتاج الى دليل ، الا أنى لم أقف بعد التتبع للاخبار على ما يدل منها على ما ذكروه ، وان اشتهر بينهم ، بل ادعى الإجماع عليه من اختصاص الرهن بحق المرتهن ، فيطلب من الرهن بيعه إذا لم يكن وكيلا عنه في البيع ، أو الاذن فيه ، فان فعل والا رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي كما ذكروه (رضوان الله عليهم).
بل ظاهر الاخبار المتقدمة في الموضع الرابع (١) من هذا المقام انما هو العدم ، فيما إذا مات الراهن ، واستغرقت ديونه التركة ، حيث حكم عليهالسلام فيها بالتشريك بين جميع هذه الغرماء ، وان كان الأصحاب لم يقولوا بمضمونها ، لخروجها عن قاعدتهم المذكورة ، ولم أقف في الاخبار على ما ذكروه إلا في صورة ما لو خاف المرتهن جحود الورثة ، كما مر في الموضع السادس (٢) فإن الرواية قد صرحت في هذه الصورة بأنه يأخذ ماله مما في يده ، واما ما عدا ذلك فلا ، وحينئذ فيقوى بناء على ما ذكرناه القول بالمنع من البيع عملا بالأخبار الدالة على عدم جواز بيع أم الولد من غير معارض في هذا المقام سوى صورة خوف الجحود.
لكن ربما نافى ذلك ما ورد في جملة من أخبار الرهن من قولهم عليهمالسلام استوثق من مالك ، إذ لا معنى للاستيثاق الا باعتبار أخذ الدين من الرهن بعد تعذر الأداء من الراهن.
ومن الاخبار الدالة على ذلك صحيحة عبد الله بن سنان (٣) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن السلم في الحيوان والطعام ويرتهن الرجل بماله رهنا؟ قال : نعم استوثق من مالك».
__________________
(١) ص ٢٥٩.
(٢) ص ٢٦٤.
(٣) الفقيه ج ٣ ص ١٦٥.