وأنت خبير بأن مورد الرواية المذكورة انما هو الشفعة قبل البيع ، وأن الذي ينتظر الشريك الذي يريد أن يبيع لا المشترى ، والأصحاب قد استدلوا بها على الشفعة بعده ، ولعلهم قاسوا حال المشترى على البائع ، وهو مشكل ،
وأيضا فظاهر الخبر الجواز ، أعم من أن يكون في ذلك ضرر أم لا ، وهم قد قيدوا الجواز بعدم الضرر ، وكأنهم قيدوا الخبر بذلك ، لأنه منفي بالعقل والنقل وحينئذ فلو كان البلد بعيدا جدا ويتضرر بالتأخير فلا شفعة ، وما ذكره المحقق الأردبيلي (قدسسره) من المناقشة هنا الظاهر ضعفه (١).
الثالث لا خلاف بين الأصحاب كما نقله في المختلف في الثمن إذا كان من ذوات الأمثال تثبت الشفعة ، إنما الخلاف فيما إذا كان من ذوات القيم ، فذهب الشيخ في الخلاف الى بطلان الشفعة ، ونقله في المبسوط عن بعض أصحابنا ، وهو منقول أيضا عن الطبرسي وابن حمزة ، واختاره العلامة في المختلف (٢).
__________________
(١) حيث قال : وظاهر الرواية غير مقيد بعدم الضرر فكأنهم قيدوا بعدم الضرر ، لأنه منفي بالعقل والنقل ، لكنه غير ظاهر ، لأنا نجد وقوعه في الشرع كثيرا فليس له ضابط واضح خصوصا مع وجود النص. انتهى ، وفيه أن ما ادعاه عن وقوعه في الشرع كثيرا في محل المنع ، ومع تسليمه فيجب الاقتصار به على موضعه ، ويخص به الدليل العقلي والنقلي الدال على عدم جوازه. وما أطلق من هذه الرواية ونحوها يجب تخصيصها بالأدلة المذكورة كما هو مقتضى القواعد المقررة ، وبالجملة ، فإن مناقشته بمحل من الضعف والنظر ـ منه رحمهالله.
(٢) أقول : ويؤيد القول بالبطلان أن الشفعة انما يكون بمثل الثمن ، والثمن هنا ليس من ذوات الأمثال ، والقائلون بالجواز انما يوجبون القيمة وقت العقد ، وهي ليست مثل الثمن والمثمن ، ويشير الى ذلك أيضا رواية الغنوي المتقدمة في المقصد الأول ، وقوله فيها فهو أحق بها من غيره بالثمن ، وهو انما يتحقق بالمثل ، لان الحمل على الثمن الحقيقي متعذر فيصار حينئذ إلى أقرب المجازات وهو المثل والمحقق في النافع بعد أن اختار جواز الشفعة نسب القول بسقوط الشفعة إلى رواية