قبل علم الشفيع بالشفعة لم تسقط بالإقالة ، (١) لما عرفت من سبق حق الشفيع فله فسخ الإقالة ، والأخذ من المشترى على قاعدة الشفعة ، ودركه على المشترى كما لو يكن ثمة إقالة ، فان درك المشفوع في جميع أفراد الشفعة على المشترى ، فلو ظهر استحقاق الشقص رجع عليه بالثمن وغيره مما يغرمه ، ولو كان المشترى لم يقبضه من البائع لم يكلف أخذه منه ثم إقباضه الشفيع بل الشفيع يقبضه من البائع ، لانتقال الحق إليه فقبضه كقبض المشترى.
وعلى كل حال فيبقى الدرك على المشترى ، وكما لا تسقط الشفعة بالتقايل ، فكذا لا تسقط ببيع المشترى ، ولا وقفه ولا جعله مسجدا ، ولا نحو ذلك من تصرفاته ، لأنها وان كانت صحيحة من حيث أن المشفوع ملكه ، لكن لا يبطل ذلك حق الشفيع لسبقه على هذه التصرفات فمتى أخذ بالشفعة بطل ما سبقها من التصرفات.
بقي الكلام في أن تصرف المشترى ان كان مما تثبت فيه الشفعة كالبيع ، فالظاهر من كلامهم أنه يتخير الشفيع بين أخذه من المشترى الأول أو الثاني أو الثالث ، وهكذا لو تعدد ، لان كل واحد من البيوع المتعددة سبب تام في ثبوت الشفعة.
ثم ان أخذ الشفيع بالشراء الأول وقع الثمن الأول وبطل المتأخر مطلقا ، وان أخذ بالشراء الأخير أخذها بثمنه ، وصح السابق عليه مطلقا ، لان الرضا به يستلزم الرضا بما سبق عليه. وان أخذ من المتوسط أخذ بثمنه ، وصح ما تقدمه ، وبطل ما تأخر عنه.
وان كان التصرف مما لا تثبت فيه الشفعة ، كالوقف والهبة والإجارة فللشفيع نقضه وأخذ الشقص بالشفعة ، لسبق حقه ، والثمن في الهبة للواهب لازمة كانت أو
__________________
(١) لأنه في صورة الإقالة صار مشتريا ، فان بالإقالة على تقدير كونها بيعا يصير المشتري بائعا والبائع مشتريا منه رحمهالله.