قال في المسالك بعد قول المصنف «ويعلم بلوغه بإنبات الشعر الخشن على العانة» ما لفظه : احترز بالشعر الخشن عن الشعر الضعيف ـ الذي ينبت قبل الخشن ثم يزول ويعبر عنه بالزغب ـ ويشعر العانة عن غيره ، كشعر الإبط والشارب واللحية فلا عبرة بها عندنا إذ لم يثبت كون ذلك دليلا شرعا ، خلافا لبعض العامة ، ولا شبهة في كون شعر العانة علامة على البلوغ ، انما الكلام في كونه نفسه بلوغا أو دليلا على سبق البلوغ ، والمشهور الثاني ، لتعليق الأحكام في الكتاب والسنة على الحلم والاحتلام ، فلو كان الإنبات بلوغا بنفسه لم يختص غيره بذلك ، ولان البلوغ غير مكتسب ، والإنبات قد يكتسب بالدواء ، ولحصوله على التدريج ، والبلوغ لا يكون كذلك ، ووجه الأول ترتب أحكام البلوغ عليه وهو أعم من الدعوى انتهى.
أقول : فيه أولا أن ما ذكره ـ من أن شعر الشارب واللحية لا عبرة به إذ لم يثبت كونه دليلا شرعيا ـ مردود بدلالة الروايتين المذكورتين على كونه دليلا شرعيا ، والثانية منهما وان كانت مجملة حيث لم يذكر موضع الشعر فيها ، الا أن الأول مصرحة بكونه شعر الوجه.
ومن الظاهر أن الشعر في الوجه انما هو اللحية والشارب ، فيحمل إجمالها على تفصيل الاولى وبيانها ، فإنه عليهالسلام ، جعل إنبات الشعر في عداد البلوغ بالسن والإنبات والاحتلام ، فيكون احدى علامات البلوغ ، والظاهر أنه غفل عن الاطلاع على الخبرين المذكورين ، كما غفل عنهما غيره ، حيث لم يعدوا ذلك في العلامات المذكورة ورد الخبرين المذكورين من غير معارض ظاهر لا يخفى ما فيه.
وثانيا ان ما ذكره من الخلاف ـ في كون الإنبات دليلا على البلوغ أو على سبقه ، واختياره الثاني وقوله أنه هو المشهور ـ فيه أن ظاهر عبارة العلامة المتقدمة وقوله نبات هذا الشعر دليل البلوغ في حق المسلمين والكفار عند علمائنا أجمع عدم الاعتداد بهذا القول المشهور ، وانه لا خلاف في كونه دليلا على البلوغ بنفسه ، وهو المؤيد بظاهر الخبرين المذكورين ، فان ظاهر عد الإنبات في عداد السن والاحتلام ـ اللذين لا خلاف في كونهما علامتين للبلوغ لا على سبق البلوغ ـ كون الإنبات مثلهما في ذلك.