الى تصدق أمير المؤمنين عليهالسلام الذي نزلت فيه سورة «هل أتى» حيث ورد بأنهم صاموا ثلاثة أيام طاوين لم يذوقوا الا الماء القراح ، والقصة مشهورة.
وما روى في وصية رسول الله صلىاللهعليهوآله لأمير المؤمنين «عليهالسلام» (١) حيث قال فيها : «وأما الصدقة فجهدك حتى يقال أسرفت ولم تسرف ، ثم قال : ولا سرف في الخير». مشهور.
والروايات والاخبار الدالة على الإنفاق والترغيب اليه والترهيب على تركه لا تعد ولا تحصى كثرة (٢) ثم أطال بأمثال ذلك ، ونقل كلام التذكرة واعترض عليه وقال في المسالك أيضا : ومن المستفيض خروج جماعة من أكابر الصحابة وبعض الأئمة عليهمالسلام كالحسن عليهالسلام من أموالهم في الخير.
أقول : لا يخفى على من راجع الأخبار الواردة في هذا المضار ـ وتتبعها من مظانها حق التتبع ، وكذا الآيات القرآنية ـ ضعف هذا القول المشهور ، وأنه في محل من القصور ، لاستفاضتها وتكاثرها بالمنع عن ذلك ، وعده إسرافا محرما.
وها نحن نتلو عليك جملة مما وقفنا عليه ليظهر لك صحة ما ذكرناه ، فمنها رواية اللحام المروية في الكافي وتفسير العياشي (٣) عن أبى عبد الله عليهالسلام قال : «لو أن رجلا أنفق ما في يده في سبيل من سبيل الله ما كان أحسن ، ولا وفق للخير ، أليس الله تبارك وتعالى يقول «وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» يعنى المقتصدين.
وصحيحة الوليد بن صبيح (٤) قال : «كنت عند أبى عبد الله عليهالسلام فجاءه سائل فأعطاه ، ثم جاء آخر فأعطاه ، ثم جاء آخر فقال : يسع الله عليك ، ثم قال : ان رجلا لو كان له مال ثلاثين أو أربعين ألف درهم ، ثم شاء أن لا يبقى منها الا وضعها في حق فيبقى لا مال له ، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاءهم ، قلت :
__________________
(١ ـ ٢) الكافي ج ٣ ص ـ ٣ الى ١١.
(٣ ـ ٤) الكافي ج ٤ ص ١٠٠.