الظاهر عدم منعه من المندوب أيضا ، كمثل ما مر ، وان استلزم صرف المال زائدا على الحضر ، على أن ما ذكروه من عموم الحجر ـ على وجه يتناول منعه من فعل الطاعات ، والقربات المستحبة والنذر ونحو ذلك في محل المنع ، فإن غاية ما يفهم من الاخبار والآيات التي تقدم ذكرها ، هو أنه لسفهه لا يمكن من المال خوفا أن يصرفه في المصارف الغير الشرعية.
وحينئذ فلو أراد أن يتصدق بصدقة أو يبنى مسجدا أو نحو ذلك ، على وجه لا يدفع المال اليه ، فما المانع منه ، حتى انهم يحكمون بالحجر فيه وفي أمثاله ، فإنه عاقل كامل داخل تحت الخطاب بتلك الأخبار الدالة على استحباب الصدقة ، وفعل الخير وبذل المعروف ، وتخصيص هذه الأخبار بأخبار الحجر ليس اولى من العكس ، بل العكس أولى ، فإن غاية ما يتمسكون به كونه سفيها ، ومجرد السفه من حيث هو لا يصلح للمنع من ذلك كالفاسق.
نعم الذي يقتضيه السفه هو الحجر عليه في المال ، لئلا يصرفه في غير المصارف الشرعية من وجوه السفه ، والفرض هنا أنه انما صرف في المصارف الشرعية التي ليست بسفه على وجه لم يدفع اليه المال بنفسه (١).
وبالجملة فإن دعوى عموم الحجر على وجه يتناول ما ذكرناه وأمثاله ممنوعة ، لا أعرف عليها دليلا ، ثم انهم قالوا أيضا : أنه إذا حلف انعقدت يمينه ، لانه لا تعلق له بالمال ، ومثله لو نذر أو عاهد على وجه لا تعلق له بالمال ، أما لو كان النذر أو
__________________
(١) وان قوله عليهالسلام في بعض تلك الأخبار إذا علم الرجل أن أقرانه سفيهة مفسدة وولده سفيه لا ينبغي له أن يسلط واحدا منهم على ما حوله ، ان النهى من تسليطهم انما هو لخوف وقوع صرفه في الفساد وهو الأمور غير المشروعة ، وكذا قوله في آخر لا يعطوهم حتى تعرفوا منهم الرشد ، انما هو خوف صرف المال في تلك الأمور الممنوع منهما شرعا ، وحينئذ فلا تعلق لذلك بما لو تصدق بمال ونحوه من وجوه الطاعات على وجه يكون صرف المال فيه بواسطة الولي من غير أن يدفع المال إليه ، فإنه من أفعال العقلاء وذوي الرشد فلا مانع منه. منه رحمهالله.