ذمته ، كالأعيان التي اشتراها أو استدانها ، فإنها ملكه فيكون من جملة أمواله ، وان تخير أصحابها بين الرجوع فيها عند قسمة أمواله أو الطلب بعوضها ، وكما تحتسب هذه الأشياء من جملة أمواله ، فتحتسب أعواضها من جملة ديونه.
وأما الثالث فلانه مع كون الديون مؤجلة لا وجه للحجر ، لعدم استحقاق المطالبة وان لم يف ماله بما عليه ، ويجوز أن يسهل الله (سبحانه) له الوفاء عند حلول الأجل والمطالبة ، وأما ما نقل عن ابن الجنيد من حلول ديونه المؤجلة قياسا على الموت فضعيف.
واما الرابع فلان الحق للغرماء فلا يتبرع الحاكم بالحجر لأجلهم مع عدم طلبهم ذلك ـ الا أن تكون الديون لمن له الولاية عليه ، كاليتيم والمجنون والسفيه وكذا لو كان بعضها لهم والبعض الآخر لغيرهم مع التماس ذلك الغير.
وكذا لو سأل هو الحجر على المشهور ، فإنه لا يجاب الى ذلك ، وعلل بأن الحجر عقوبة ، والرشد والحرية ينافيانه فلا يصار اليه الا بدليل ، واستقرب العلامة في التذكرة جواز اجابته ، استنادا إلى انه كما أن في الحجر مصلحة للغرماء بحفظ حقوقهم ، كذلك فيه مصلحة للمفلس ببراءة ذمته ، وخلاصها من حق الغرماء ، وأنه
قد روى عن النبي (١) صلىاللهعليهوآله «أنه حجر على معاذ بالتماسه». وفيه من الضعف ما لا يخفى ، فان بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التعليلات العليلة مجازفة محضة ، وأما الخبر المذكور فلم أقف عليه في أخبارنا ، والظاهر أنه عامي.
بقي هنا شيء لم أقف على من تنبه له ، وهو ان ما اشتهر في كلام الأصحاب بل الظاهر أنه لا خلاف فيه من كون المفلس يجب الحجر عليه ، كما يجب على الصبي والسفيه والمجنون ، لم أقف فيه على نص واضح ، كما ورد في الثلاثة المذكورة من الآيات والروايات المتقدمة في سابق هذا المطلب.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٤٨.