ذكرها القائلون بالجواز في هذه المسألة حيث انهم صرحوا بجواز بيع السلم على من هو عليه على كراهية ، إنما استندوا فيها الى اخبار تلك المسألة لاختلافها في جواز البيع قبل القبض وعدمه ، فجمعوا بينها بالكراهة ، والا فأخبار هذه المسألة على كثرتها متفقة على الجواز ، وانما اختلفت في الزيادة على رأس المال.
والظاهر ان السبب في ذلك كله هو ادراجهم هذه المسألة تحت تلك المسألة والغفلة عن ملاحظة أخبار هذه المسألة مع كثرتها وتعددها ، والتحقيق بالنظر الى اخبار كل من المسألتين هو تغاير الحكمين ، وان الأظهر في هذه المسألة هو الجواز للاخبار المتقدم ذكرها بلا كراهة بناء على ما جمعنا به بين اخبارها ، وفي تلك المسألة هو التحريم لما قدمناه فيها والله العالم.
تذنيبان : الأول ـ المشهور بين الأصحاب أنه إذا حل الأجل وتأخر التسليم لعارض.
ثم طالب المشترى بعد انقطاعه كان بالخيار بين الفسخ والصبر ـ ونقل عن ابن إدريس إنكار الخيار في هذه المسألة ، تمسكا بأن العقد ثابت بالإجماع ، وآية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» وانه لا دليل على فسخه ، ويدل على القول المشهور الخبر الخامس عشر من الاخبار المتقدمة ، وهو نص في الباب.
ويؤيده الأخبار المذكورة ثمة الدالة على جواز أخذ رأس المال ، فإنك قد عرفت انها محمولة على فسخ العقد ، مع ان ظاهرها أن المسلم فيه غير معدوم يومئذ وان لم يوجد عند البائع فإذا جاز الفسخ مع وجوده ، فمع تعذره بطريق اولى ، وبه يظهر بطلان ما ذهب اليه ابن إدريس ، وقيل في المسألة قول ثالث ، وهو انه لا يفسخ ولا يصبر بل يأخذ قيمته الآن ، قال في المسالك : وهو حسن لأن الحق هو العين ، فإذا تعذرت رجع الى القيمة حيث يتعذر المثل.
أقول لا ريب ان هذا القول هو الموافق للأصول الشرعية ، والقواعد المرعية