وعن الثاني من وجوه الأول الطعن في السند ، الثاني الحديث ورد هكذا (١). «قالت عائشة : جائتني بريرة فقالت : كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فاعينينى فقالت لها عائشة : ان أحب أهلك ان أعدها لهم ، ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم : ذلك فأبوا عليها ، فجائت من عند أهلها ورسول الله (صلىاللهعليهوآله) جالس ، فقالت : انى عرضت ذلك عليهم فأبوا الا أن يكون الولاء لهم ، فسمع ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فسألها فأخبرت عائشة النبي صلىاللهعليهوآله فقال : خذيها واشترطي لهم الولاء ، فإنما الولاء لمن أعتق ، ففعلت عائشة ، ثم قام : رسول الله صلىاللهعليهوآله فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله عزوجل فهو باطل وان كان مأة شرط ، فقضاء الله أحق وشرط الله أوثق ، وانما الولاء لمن أعتق».
وهذا ينافي ما ذكره الشيخ واستدل به عليه ، لأن بريرة أخبرت بأنها كوتبت وطلبت الإعانة من عائشة ، فسقط الاستدلال به بالكلية.
الثالث المراد بقوله عليهالسلام «اشترطي لهم الولاء» اى عليهم لانه عليهالسلام أمرها به ، ولا يأمرها بفاسد ، وكيف يتأتى عن الرسول مع تحريم خائنة الأعين وهو الغمز وضع حيلة لا تتم انتهى كلامه زيد إكرامه.
ولا يخفى ما فيه على الفطن النبيه الذي قد جاس خلال ديار الاخبار وما جرت به في هذا المضمار وان كان قد تبعه على هذا القول جل المتأخرين بل كلهم على ما يظهر من كلام من وقفنا على كلامه ، ومنهم شيخنا الشهيد الثاني وسبطه السيد السند في شرح النافع وغيرهم.
وما ذكره (قدسسره) من التعليل لبطلان العقد بالعلل الاعتبارية المذكورة وان كان مما يتسارع الى الذهن قبوله ، الا أن الاخبار ترده وتدفعه ، وما ذكره من خبري بريرة هنا من كلام الشيخ الذي نقله عنه وفي كلامه هو «قدسسره» الظاهر انه من طرق العامة.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ـ ١٠ ـ ٢٩٥.