عرفني ببدعة قط. قال : وذكر له ما يرميه (٢) الناس. فقال : سبحان الله! سبحان الله ، ومن يقول هذا؟ وأنكر ذلك أحمد إنكارا شديدا.
حدثنا يحيى بن علي الدسكري ، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ ـ بأصبهان ـ قال : سمعت صالح بن محمّد يقول : سمعت منصور بن إسماعيل يقول : ولى يحيى بن أكثم قضاء البصرة وهو شاب ابن إحدى وعشرين سنة ـ أو كما قال ـ قال : فاستزرى به مشايخ البصرة واستصغروه فامتحنوه. فقالوا : كم سن القاضي؟ قال : سن عتاب بن أسيد حين ولاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم على مكة.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال : ذكر أبو علي عيسى بن محمّد الطوماري أنه سمع أبا حازم القاضي يقول : سمعت أبي يقول : ولى يحيى بن أكثم القاضي البصرة وسنه عشرون ـ أو نحوها ـ قال : فاستصغره أهل البصرة فقال له أحدهم : كم سنو القاضي؟ قال : فعلم أنه قد استصغره فقال له : أنا أكبر من عتاب بن أسيد الذي وجه به النبي صلىاللهعليهوسلم قاضيا على أهل مكة يوم الفتح ، وأكبر من معاذ بن جبل الذي وجه به النبي صلىاللهعليهوسلم قاضيا على أهل اليمن ، وأنا أكبر من كعب بن سور الذي وجهه ابن عمر ابن الخطاب قاضيا على أهل البصرة. قال : وبقي سنة لا يقبل بها شاهدا. قال : فتقدم إليه أبي ـ وكان أحد الأمناء ـ فقال له : أيها القاضي قد وقفت الأمور وتربتت ، قال : وما السبب؟ قال : في ترك القاضي قبول الشهود ، قال : فأجاز في ذلك اليوم شهادة سبعين شاهدا.
أخبرني القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري ، حدثنا محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرنا الصولي ، حدثنا أبو العيناء ، حدثنا أحمد بن أبي دؤاد. قال الصولي : وحدثنا محمّد بن موسى بن حمّاد ، حدثنا المشرف بن سعيد ، حدثنا محمّد بن منصور ـ واللفظ لأبي العيناء ـ قال : كنا مع المأمون في طريق الشام ، فأمر فنودي بتحليل المتعة ، فقال لنا يحيى بن أكثم : بكرا غدا إليه فإن رأيتما للقول وجها فقولا ، وإلا فاسكتا إلى أن أدخل. قال : فدخلنا إليه وهو يستاك ويقول ـ وهو مغتاظ ـ متعتان كانتا على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعلى عهد أبي بكر ، وأنا أنهي عنهما. ومن أنت يا أحول حتى تنهي عما فعله النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأبو بكر؟ فأومأت إلى محمّد بن منصور أن أمسك ، رجل يقول في عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن؟ فأمسكنا وجاء يحيى
__________________
(٢) في المطبوع : «ما يريب الناس» تصحيف.