في البئر؟ قالت : لم تكن البئر مغطاة فقال يحيى : ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء؟ قال الأبهري : فقلت لها يا هذه إن لم يكن الماء تغير فهو طاهر ، ولم يكن عند يحيى من الفقه ما يجيب المرأة.
قلت : هذا القول تظنن من الأبهري ، وقد كان يحيى ذا محل من العلم ، وله تصانيف في السنن وترتيبها على الأحكام يدل من وقف عليها وتأملها على فقهه ولعل يحيى لم يجب المرأة لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم ، فتورع أن يتقلد قول بعضهم ، وكره أن ينصب نفسه للفتيا ، وليس هو من المرتسمين بها ، وأحب أن يكل ذلك إلى الفقهاء المشتهرين بالفتاوي والنظر ، والله أعلم.
أخبرنا البرقانيّ قال : قلت لأبي الحسن الدّارقطنيّ : تجمع في الحديث ابن منيع ، وابن أبي داود ، وابن صاعد ، من تقدم؟ فقال : ابن منيع لسنه ، ثم ابن صاعد. قلت ابن صاعد أحب إليك من ابن أبي داود؟ قال : ابن صاعد أسن ، مولده سنة ثمان وعشرين وابن أبي داود سنة ثلاثين.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ قال : سمعت أبا علي الحافظ يقدم أبا محمّد بن صاعد على أبي القاسم بن منيع وأبي بكر بن أبي داود في الفهم والحفظ.
حدثني علي بن محمّد بن نصر قال : سمعت حمزة بن يوسف يقول : سألت ابن عبدان عن ابن صاعد أكثر حديثا أو الباغندي؟ فقال : ابن صاعد أكثر حديثا ، ولا يتقدمه أحد في الدراية ، والباغندي أعلى إسنادا منه.
وقال حمزة : سمعت أبا بكر بن عبدان يقول : يحيى بن صاعد يدري. ثم قال وسئل ابن الجعابي أكان ابن صاعد يحفظ؟ فتبسم وقال : لا يقال لأبي محمّد يحفظ ، كان يدري. قلت لأبي بكر بن عبدان : أيش الفرق بين الدراية والحفظ؟ فقال : الدراية فوق الحفظ.
حدثني القاضي أبو بكر محمّد بن عمر الدّاودي قال : سمعت شيخا من أصحاب الحديث ـ حسن الهيئة لا أحفظ اسمه يقول ـ حضر رجل عند يحيى بن صاعد ليقرأ عليه شيئا من حديثه ، وكان معه جزء من حديث أبي القاسم البغوي عن جماعة من شيوخه ، فغلط وقرأه على ابن صاعد وهو مصغ إلى سماعه ، ثم قال له بعد : أيها الشيخ إني غلطت بقراءة هذا الجزء عليك وليس من حديثك ، إنما هو من حديث أبي