يقاد به ووعدهم ليوم ، وأمر بالقاتل فحبس ، فلما كان في اليوم الذي وعدهم حضر أولياء الذمي وجيء بالمسلم القاتل ، فلما هم أبو يوسف أن يقول أقيدوه ، رأى رقعة قد سقطت ، فتناولها صاحب الرقاع وخنسها ، فقال له أبو يوسف ما هذه التي خنستها؟ فدفعها إليه فإذا فيها أبيات شعر ، قالها أبو المضرجي شاعر ببغداد :
يا قاتل المسلم بالكافر |
|
جرت وما العادل كالجائر؟ |
يا من ببغداد وأطرافها |
|
من فقهاء الناس أو شاعر |
جار على الدين أبو يوسف |
|
إذ يقتل المسلم بالكافر |
فاسترجعوا وابكوا على دينكم |
|
واصطبروا فالأجر للصابر |
قال : فأمر بالقمطر فشد وركب إلى الرّشيد فحدثه بالقصة وأقرأه الرقعة. فقال له الرّشيد : اذهب فاحتل ، فلما عاد أبو يوسف إلى داره وجاءه أولياء الذمي يطالبونه بالقود. قال لهم : ائتوني بشاهدين عدلين أن صاحبكم كان يؤدي الجزية.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب قال : أخبرنا محمّد بن نعيم الضّبّيّ ، حدثنا أبو منصور محمّد بن القاسم العتكي ، حدثنا أحمد بن حفص بن عمر الفقيه ـ بجرجان ـ حدثنا علي بن سلمة اللبقي ، حدثنا يحيى بن يحيى قال : سمعت أبا يوسف القاضي عند وفاته يقول : كل ما أفتيت به فقد رجعت عنه ، إلا ما وافق كتاب الله وسنّة رسول اللهصلىاللهعليهوسلم.
أخبرنا التّنوخيّ ، أخبرنا طلحة بن محمّد بن جعفر ، حدثني مكرم بن أحمد ، حدثنا أحمد بن عطية قال : سمعت محمّد بن سماعة يقول : سمعت أبا يوسف في اليوم الذي مات فيه يقول : اللهم إنك تعلم أني لم أجر في حكم حكمت به بين عبادك متعمدا. ولقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنّة نبيك ، وكل ما أشكل على جعلت أبا حنيفة بيني وبينك ، وكان عندي والله ممن يعرف أمرك ولا يخرج عن الحق وهو يعلمه.
أخبرني الخلّال ، أخبرنا علي بن عمرو أن علي بن محمّد النخعي حدثهم قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزّهريّ ، حدثنا بشر بن الوليد الكنديّ قال : سمعت أبا يوسف يقول في مرضه الذي مات فيه : اللهم انك تعلم أني لم أطأ فرجا حراما قط وأنا أعلم ، اللهم انك تعلم أني لم آكل درهما حراما قط وأنا أعلم.