لهشام بن عروة حين دخل عليه هشام : يا أبا المنذر تذكر يوم دخلت عليك أنا وإخوتي الخلائف ، وأنت تشرب سويقا بقصبة يراع ، فلما خرجنا من عندك قال لنا أبونا : اعرفوا لهذا الشيخ حقه ، فإنه لا يزال في قومكم بقية ما بقي؟ قال : لا أذكر ذلك يا أمير المؤمنين. فلما خرج هشام قيل له : يذكرك أمير المؤمنين ما تمت به إليه ، فتقول : لا أذكره؟ فقال : لم أكن أذكر ذلك. ولم يعودني الله في الصدق إلّا خيرا.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، وأخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني عاصم بن عمر بن علي أبو بشر المقدمي ـ إملاء في سنة تسع وعشرين قال : حدثني أبي عن هشام بن عروة أنه دخل على أبي جعفر المنصور قال : يا أمير المؤمنين اقض عني ديني ، قال : وكم دينك؟ قال : مائة ألف ، قال : وأنت في فقهك وفضلك تأخذ دينا مائة ألف ليس عندك قضاؤها؟ قال : يا أمير المؤمنين شب فتيان من فتياننا فأحببت أن أبوئهم ، وخشيت أن ينتشر على من أمرهم ما أكره فبوأتهم ، واتخذت لهم منازل ، وأولمت عنهم ثقة بالله وبأمير المؤمنين. قال : فردد عليه : مائة ألف ، مائة ألف؟ استعظاما لها. ثم قال : قد أمرنا لك بعشرة آلاف ، فقال : يا أمير المؤمنين فأعطني ما أعطيت وأنت طيب النفس. فإني سمعت أبي يحدث عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من أعطى عطية وهو بها طيب النفس بورك للمعطي وللمعطى» (١) قال فإني بها طيب النفس.
أخبرنا الأزهري والخلّال ـ قال الأزهري : أخبرنا وقال الخلّال : حدثنا ـ محمّد بن العبّاس الخزاز ، أخبرنا أبو بكر بن المرزبان ، حدثني عبد الرّحمن بن محمّد ، حدثني علي بن محمّد الباهليّ ، عن شيخ من قريش قال : أهوى هشام بن عروة إلى يد أبي جعفر المنصور يقبلها فمنعه. وقال : يا ابن عروة إنا نكره ذلك ، إنا نكرمك عنها ، ونكرمها عن غيرك.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، حدثنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصواف ، حدثنا محمّد ابن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر المدينيّ قال : قال يحيى بن سعيد قال هشام بن عروة : جلست في مجلس فيه مجمع من قريش ، فحدثت بحديث فأنكره على بعضهم. فقلت : أنا سمعته من أبي ، فممن سمعته أنت؟ فلم يكن عنده حجة. قال يحيى : رأيت مالك بن أنس في النوم ، فسألته عن عبيد الله بن عمر فقال
__________________
(١) انظر الحديث في : كنز العمال ١٦٩٦٠.