والصور : البوق الذي ينفخ فيه النافخ للتجمع والنفير ، وهو مما ينادى به للحرب وينادى به للصلاة عند اليهود كما جاء في حديث بدء الأذان من «صحيح البخاري». وتقدم ذكر الصور عند قوله تعالى : (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) في سورة الأنعام [٧٣].
وأسند (نُفِخَ) إلى المجهول لأن المعتنى به هو حدوث النفخ لا تعيين النافخ. وإنما ينفخ فيه بأمر تكوين من الله تعالى ، أو ينفخ فيه أحد الملائكة وقد ورد أنه الملك إسرافيل.
والمقصود التفريع الثاني في قوله (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) إلى آخره لأنه مناط بيان الرد على قول قائلهم (رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) [المؤمنون : ٩٩ ، ١٠٠] المردود إجمالا بقوله تعالى (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) [المؤمنون : ١٠٠] فقدم عليه ما هو كالتمهيد له وهو قوله (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) إلى آخره مبادرة بتأييسهم من أن تنفعهم أنسابهم أو استنجادهم.
والأظهر أن جواب (إذا) هو قوله الآتي (قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ) [المؤمنون : ١١٢] كما سيأتي وما بينهما كله اعتراض نشأ بعضه عن بعض.
وضمير (بَيْنَهُمْ) عائد إلى ما عادت عليه ضمائر جمع الغائبين قبله وهي عائدة إلى المشركين.
ومعنى نفي الأنساب نفي آثارها من النجدة والنصر والشفاعة لأن تلك في عرفهم من لوازم القرابة. فقوله (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) كناية عن عدم النصير.
والتساؤل : سؤال بعضهم بعضا. والمعنيّ به التساؤل المناسب لحلول يوم الهول ، وهو أن يسأل بعضهم بعضا المعونة والنجدة ، كقوله تعالى (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) [المعارج : ١٠].
وأما إثبات التساؤل يومئذ في قوله تعالى (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) [الصافات : ٢٧ ـ ٣٣] فذلك بعد يأسهم من وجود نصير أو شفيع. وفي «البخاري» : أن رجلا (هو نافع بن الأزرق الخارجي) قال لابن عباس : إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي قال (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) وقال (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى