تكلم. قال : إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام وأخبروني أنما الرجم على امرأته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، أما غنمك وجاريتك فردّ عليك. وجلد ابنه مائة وغربه عاما وأمر أنيسا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها فاعترفت فرجمها. قال مالك : والعسيف الأجير ا ه.
فهذا الافتداء أثر مما كانوا عليه في الجاهلية ، ثم فرض عقاب الزنى في الإسلام بما في سورة النساء وهو الأذى للرجل الزاني ، أي بالعقاب الموجع ، وحبس للمرأة الزانية مدة حياتها. وأشارت الآية إلى أن ذلك حكم مجمل بالنسبة للرجل لأن الأذى صالح لأن يبيّن بالضرب أو بالرجم وهو حكم موقت بالنسبة إلى المرأة بقوله : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) [النساء : ١٥] ثم فرض حد الزنى بما في هذه السورة.
ففرض حد الزنى بهذه الآية جلد مائة فعمّ المحصن وغيره ، وخصصته السنة بغير المحصن من الرجال والنساء. فأما من أحصن منهما ، أي تزوج بعقد صحيح ووقع الدخول فإن الزاني المحصن حده الرجم بالحجارة حتى يموت. وكان ذلك سنة متواترة في زمن النبيصلىاللهعليهوسلم ، ورجم ماعز بن مالك. وأجمع على ذلك العلماء وكان ذلك الإجماع أثرا من آثار تواترها.
وقد روي عن عمر أن الرجم كان في القرآن «الثيّب والثيبة إذا زنيا فارجموهما البتة» وفي رواية «الشيخ والشيخة» وأنه كان يقرأ ونسخت تلاوته. وفي «أحكام ابن الفرس» في سورة النساء : «وقد أنكر هذا قوم» ، ولم أر من عيّن الذين أنكروا. وذكر في سورة النور أن الخوارج بأجمعهم يرون هذه الآية على عمومها في المحصن وغيره ولا يرون الرجم ويقولون : ليس في كتاب الله الرجم فلا رجم.
ولا شك في أن القضاء بالرجم وقع بعد نزول سورة النور. وقد سئل عبد الله بن أبي أوفى عن الرجم : أكان قبل سورة النور أو بعدها؟ (يريد السائل بذلك أن تكون آية سورة النور منسوخة بحديث الرجم أو العكس ، أي أن الرجم منسوخ بالجلد) فقال ابن أبي أوفى : لا أدري. وفي رواية أبي هريرة أنه شهد الرجم. وهذا يقتضي أنه كان معمولا به بعد سورة النور لأن أبا هريرة أسلم سنة سبع وسورة النور نزلت سنة أربع أو خمس كما علمت وأجمع العلماء على أن حد الزاني المحصن الرجم.