أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم ا ه. أي لا يكون الضرب يطير الجلد حتى يظهر اللحم ، فاختيار هذا اللفظ دون الضرب مقصود به الإشارة إلى هذا المعنى على طريقة الإدماج.
واتفق فقهاء الأمصار على : أن ضرب الجلد بالسوط. أي بسير من جلد. والسوط : هو ما يضرب به الراكب الفرس وهو جلد مضفور ، وأن يكون السوط متوسط اللين ، وأن يكون رفع يد الضارب متوسطا. ومحل الجلد هو الظهر عند مالك. وقال الشافعي : تضرب سائر الأعضاء ما عدا الوجه والفرج. وأجمعوا على ترك الضرب على المقاتل ، ومنها الرأس في الحد. روى الطبري أن عبد الله بن عمر حد جارية أحدثت فقال للجالد : اجلد رجليها وأسفلها ، فقال له ابنه عبد الله : فأين قول الله تعالى : (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) فقال فاقتها. وقوله : (كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) تأكيد للعموم المستفاد من التعريف فلم يكتف بأن يقال : فاجلدوهما ، كما قال : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة : ٣٨] وتذكير كل واحد تغليب للمذكر مثل (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) [التحريم : ١٢].
والخطاب بالأمر بالجلد موجه إلى المسلمين فيقوم به من يتولى أمور المسلمين من الأمراء والقضاة ولا يتولاه الأولياء ، وقال مالك والشافعي وأحمد : يقيم السيد على عبده وأمته حد الزنى ، وقال أبو حنيفة لا يقيمه إلا الإمام. وقال مالك : لا يقيم السيد حد الزنى على أمته إذا كانت ذات زوج حر أو عبد ولا يقيم الحد عليها إلا ولي الأمر.
وكان أهل الجاهلية لا يعاقبون على الزنى لأنه بالتراضي بين الرجل والمرأة إلا إذا كان للمرأة زوج أو ولي يذب عن عرضه بنفسه كما أشار إليه قول امرئ القيس :
تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا |
|
علي حراصا لو يسرّون مقتلي |
وقول عبد بني الحسحاس :
وهن بنات القوم إن يشعروا بنا |
|
يكن في بنات القوم إحدى الدهارس |
الدهارس : الدواهي. ولم تكن في ذلك عقوبة مقدرة ولكنه حكم السيف أو التصالح على ما يتراضيان عليه. وفي «الموطأ» عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أحدهما : يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله. وقال الآخر وهو أفقههما : أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم. فقال :