ونوع آخر هو إقرار طويل وهو إقرار المياه التي تنزل من المطر وعن ذوب الثلوج النازلة فتتسرب إلى دواخل الأرض فتنشأ منها العيون التي تنبع بنفسها أو تفجّر بالحفر آبارا.
وجملة (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) معترضة بين الجملة وما تفرع عليها. وفي هذا تذكير بأن قدرة الله تعالى صالحة للإيجاد والإعدام
وتنكير (ذَهابٍ) للتفخيم والتعظيم. ومعنى التعظيم هنا تعدد أحوال الذهاب به من تغويره إلى أعماق الأرض بانشقاق الأرض بزلزال ونحوه ، ومن تجفيفه بشدة الحرارة ، ومن إمساك إنزاله زمنا طويلا.
وفي معناه قوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) [الملك : ٣٠] ، وفي «الكشاف» : «وهو (أي ما في هاته الآية) أبلغ في الإيعاد من قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) [الملك : ٣٠] ا ه. فبيّن صاحب «التقريب» (١)» للأبلغيّة ثمانية عشر وجها :
الأول : أن ذلك على الفرض والتقدير وهذا على الجزم على معنى أنه أدل على تحقيق ما أوعد به وإن لم يقع.
الثاني : التوكيد ب (إنّ).
الثالث : اللام في الخبر.
الرابع : أن هذه في مطلق الماء المنزل من السماء وتلك في ماء مضاف إليهم.
الخامس : أن الغائر قد يكون باقيا بخلاف الذاهب.
السادس : ما في تنكير (ذَهابٍ) من المبالغة.
السابع : إسناده هاهنا إلى مذهب بخلافه ثمّت حيث قيل (غَوْراً) [الملك : ٣٠].
الثامن : ما في ضمير المعظم نفسه من الروعة.
التاسع : ما في (لَقادِرُونَ) من الدلالة على القدرة عليه والفعل الواقع من القادر أبلغ.
__________________
(١) هو محمد السيرافي القالي الشقار من أهل أواخر القرن السابع.