فيهم.
والخرج : العطاء المعيّن على الذوات أو على الأرضين كالإتاوة ، وأما الخراج فقيل هو مرادف الخرج وهو ظاهر كلام جمهور اللغويين. وعن ابن الأعرابي : التفرقة بينهما بأن الخرج الإتاوة على الذوات والخراج الإتاوة على الأرضين.
وقيل الخرج : ما تبرع به المعطي والخراج : ما لزمه أداؤه. وفي «الكشاف» : والوجه أن الخرج أخص من الخراج (يريد أن الخرج أعم كما أصلح عبارته صاحب «الفرائد» في نقل الطيبي) كقولك خراج القرية وخرج الكردة (١) زيادة اللفظ لزيادة المعنى ، ولذلك حسنت قراءة من قرأ (خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ) يعني أم تسألهم على هدايتك لهم قليلا من عطاء الخلق فالكثير من عطاء الخالق خير» ا ه.
وهذا الذي ينبغي التعويل عليه لأن الأصل في اللغة عدم الترادف.
هذا وقد قرأ الجمهور (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ). وقرأ ابن عامر خرجا فخرج ربك. وقرأ حمزة والكسائي وخلف أم تسألهم خراجا فخراج ربك خير. فأما قراءة الجمهور فتوجيهها على اعتبار ترادف الكلمتين أنها جرت على التفنن في الكلام تجنبا لإعادة اللفظ في غير المقام المقتضي إعادة اللفظين مع قرب اللفظين بخلاف قوله تعالى (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ) [سبأ : ٤٧] فإن لفظ أجر أعيد بعد ثلاثة ألفاظ.
وأما على اعتبار الفرق الذي اختاره الزمخشري فتوجيهها باشتمالها على التفنن وعلى محسن المبالغة.
وأما قراءة ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف فتوجيهها على طريقة الترادف أنهما وردتا على اختيار المتكلم في الاستعمال مع محسن المزاوجة بتماثل اللفظين. ولا توجهان على طريقة الزمخشري.
قال صاحب «الكشاف» : ألزمهم الله الحجة في هذه الآيات (أي قوله (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ) [المؤمنون : ٦٨] إلى هنا) وقطع معاذيرهم وعللهم بأن الذي أرسل إليهم رجل معروف أمره وحاله ، مخبور سره وعلنه ، خليق بأن يجتبى مثله للرسالة من بين ظهرانيهم ، وأنه لم
__________________
(١) الكردة ـ بضم الكاف وسكون الراء ـ : الأرض ذات الزرع.
قال الهمذاني في «حاشيته» : لا تعرفها العرب وإنما هي من كلام الكرد.