هذا إدماج لذكر أصل آخر من أصول الشرك وهو إحالة البعث بعد الموت. و (بل) للإضراب الإبطالي إبطالا لكونهم يعقلون. وإثبات لإنكارهم البعث مع بيان ما بعثهم على إنكاره وهو تقليد الآباء. والمعنى : أنهم لا يعقلون الأدلة لكنهم يتبعون أقوال آبائهم.
والكلام جرى على طريقة الالتفات من الخطاب إلى الغيبة لأن الكلام انتقل من التقريع والتهديد إلى حكاية ضلالهم فناسب هذا الانتقال مقام الغيبة لما في الغيبة من الإبعاد فالضمير عائد إلى المخاطبين.
والقول هنا مراد به ما طابق الاعتقاد لأن الأصل في الكلام مطابقة اعتقاد قائله ، فالمعنى : بل ظنوا مثل ما ظن الأولون.
والأولون : أسلافهم في النسب أو أسلافهم في الدين من الأمم المشركين.
وجملة (قالُوا أَإِذا مِتْنا) إلخ بدل مطابق من جملة (قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ) تفصيل لإجمال المماثلة ، فالضمير الذي مع (قالُوا) الثاني عائد إلى ما عاد إليه ضمير (قالُوا) الأول وليس عائدا على (الْأَوَّلُونَ). ويجوز جعل (قالُوا) الثاني استئنافا بيانا لبيان (ما قالَ الْأَوَّلُونَ) ويكون الضمير عائدا إلى (الْأَوَّلُونَ) والمعنى واحد على التقديرين. وعلى كلا الوجهين فإعادة فعل (قالوا) من قبيل إعادة الذي عمل في المبدل منه. ونكتته هنا التعجيب من هذا القول.
وقرأ الجمهور (أَإِذا مِتْنا) بهمزتين على أنه استفهام عن الشرط. وقرأه ابن عامر بهمزة واحدة على صورة الخبر والاستفهام مقدر في جملة (إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).
وقرأ الجمهور (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) بهمزتين على تأكيد همزة الاستفهام الأولى بإدخال مثلها على جواب الشرط. وقرأه نافع وأبو جعفر بدون همزة استفهام ووجود همزة الاستفهام داخلة على الشرط كاف في إفادة الاستفهام عن جوابه.
والاستفهام إنكاري ، و (إِذا) ظرف لقوله (لَمَبْعُوثُونَ).
والجمع بين ذكر الموت والكون ترابا وعظاما لقصد تقوية الإنكار بتفظيع إخبار القرآن بوقوع البعث ، أي الإحياء بعد ذلك التلاشي القوي.
وأما ذكر حرف (إن) في قولهم (أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) فالمقصود منه حكاية دعوى البعث