الشك والحيرة تصيبه في صحة معادلاته ، وعلى ذلك أضاف إلى معادلاته مقدارا محددا أطلق عليه «الثابت الكوني» بحيث يمنع الثابت كون «أنيشتاين» من الانكماش ، وبمعادلاته الخاطئة في بناء نماذج كونية ثابتة فوت «أنيشتاين» الفرصة في تعجيل اكتشاف «هبل» ، بما لا يقل عن عشر سنوات ، وبحلول عام ١٩٢٩ ، أصبح جليا أننا نحيا في كون يتمدد ، ولم يعد هناك أي تحفظ جديد ، ولقد ندم «أنيشتاين» كثيرا في السنوات الأخيرة التالية لإضافته الثابت الكوني في معادلاته الأصلية في النسبية العامة ، وأشار إلى ذلك بقوله : لقد كان ذلك هو أكبر خطأ وقعت به في حياتي) (١).
ثم استنتج العالم الفلكي الأمريكي «هبل» (أن المجرات تتباعد عن بعضها بعضا بسرعات تتناسب مع المسافة بينها ، يشبه ذلك قليلا قالب الحلوى الذي نضعه في الفرن ، فكلما انتفخ تباعدت فيه حبات الزبيب عن بعضها بعضا ، وهذه الحركة لمجمل المجرات والمسماة توسع الكون) (٢).
يقول «ستيفن هوكنغ» (٣) : (صورتنا الحديثة عن الكون يرجع تاريخها فقط إلى ١٩٢٤ ، عند ما برهن عالم الفلك الأمريكي «إدوين هبل» على أن مجرتنا ليست المجرة الوحيدة ، والحقيقة أن هناك مجرات كثيرة أخرى ، بينها قطع فسيحة من فضاء خاو ، وحتى يثبت ذلك فإنه احتاج إلى تحديد المسافات إلى هذه المجرات الأخرى ، وهي
__________________
(١) نحن والكون ، عبد الوهاب سليمان ، الكويت ، مؤسسة الكويت التقدم العلمي ، الطبعة الأولى ، ١٩٩٦ ، ص : ٩٤ ، وانظر : المجموعة الشمسية ومجال الجاذبية الكونية ، الأمين محمد كعورة ، القاهرة ، المكتب المصري الحديث ، د. ت ، ص : ٢٤.
(٢) أجمل تاريخ للكون ، جويل دوروني وآخرون ، ص ٢٢ ، وانظر : هل من كائنات عاقلة خارج الأرض ، نزار دندش ، بيروت ، دار المؤلف ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٠ ه / ٢٠٠٠ ، ص : ١٨ ، وانظر : الكون والطاقة ، إعداد المكتب العالمي للبحوث ، بيروت ، المكتب العالمي ١٤٠٣ ه / ١٩٨٩ ، ص : ٩ ، وانظر : علم الفلك وفلسفة النسق الكوني ، فائز فوق العادة ، الكويت ، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي الطبعة الأولى ، ١٩٩٢ ، ص : ٣٣٥.
(٣) ستيفن هوكنغ ، ملّاح بارع يجوب أفاقا عجيبة في علم الكون والفيزياء ، مستندا إلى موهبة علمية فذة ، وسعة أفق خلاقة ، ومن الشيق أنه رجل معوق ألزمه مرض أعصابه وعضلاته كرسيه ذا العجلات طيلة العشرين سنة الأخيرة من عمره ، الذي بلغ التاسعة والأربعين ومع ذلك فهو يعد أبرز المنظرين في الفيزياء منذ أنيشتاين ، ويشغل الآن كرسي أستاذ الرياضيات الذي كان يشغله إسحاق نيوتن في كمبردج. انظر : مقدمة المترجم ، ص : ٢.