المبحث الثاني
حركة الأرض ودورانها
قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) (١). وقال سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٢).
وقال جل جلاله : (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ) (١٦) (٣).
وقال سبحانه وتعالى : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ) (٤).
وقال تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) (٥).
تشير هذه الآيات القرآنية إلى أن الكون وما رصّع في سماءه من نجوم ، وما بثّ في آفاقه الواسعة والقاصية من مجرات وشموس وكواكب ... كلها تتحرك وتسبح في ملكوت الله ، لا كما ظن القدامى أن الأرض جامدة لا حراك يعتريها فقوله تعالى : (يُسَبِّحُونَ) صريح الدلالة على حركة ودوران النجوم والكواكب في أفلاكها وسبلها المنظمة الدقيقة ، لأن السبح هو المرّ السريع في الماء أو الهواء ، ثم إنه استعير لمر النجوم في الفلك نحو : (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) والتنوين في (كُلِ) كما هو معلوم عند علماء اللغة هو تنوين عوض عن كلمة ، والتقدير : كل جسم أو جرم في فلك السماء
__________________
(١) سورة الفرقان ، الآيتان ٤٥ ، ٤٦.
(٢) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٣.
(٣) سورة التكوير ، الآيتان ١٥ ، ١٦.
(٤) سورة النمل ، الآية : ٨٨.
(٥) سورة الزمر ، الآية : ٥.