مدارج العلم واخترعوا الوسائل التقنية المتطورة ، فإنهم سينفذون من أقطار السموات والأرض وسيغزون الفضاء ويركبون أطباقا ... ولقد عبر القرآن الكريم عن هذه الوسائل التقنية بقوله : (بِسُلْطانٍ) أي العلم ، ولقد استطاع الإنسان في عصرنا أن يصنع المركبات الفضائية التي توصله إلى القمر ، ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد ـ أي القمر ـ بل سيتعداه إلى المريخ وغيره.
قال تعالى (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) (١).
الإعجاز :
رأينا منافع الغلاف الغازي الذي يعتبر درعا متينا ، وسياجا قد حصّن الأرض من العناصر الأجنبية التي لو لا وجود هذا الغلاف ، لأحرقت الأرض ولأضرمت نيرانا كثيرة بين جنباتها وانتهت عليها الحياة ، كما رأينا الدور الفعّال لهذا الغلاف ، في المحافظة على موقع الأرض بالنسبة للشمس مقارنة مع الكواكب الأخرى ، وهذا يساعد في إيصال حرارة الشمس إلى الأرض بدرجة معتدلة تنسجم وتتوافق مع الكائنات الحية كالإنسان والحيوان والنبات فسبحان من قال : (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) (٢).
نعم سبحان من أحاط الكرة الأرضية بهذا الغلاف الغازي ، وكأنه سقف فوقنا ليحفظنا من العوامل المدمرة كالشهب والنيازك.
وكذلك فقد أشار القرآن الكريم إلى منافذ هذا الغلاف الغازي ، فقال تعالى : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (١٤) لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (١٥)) (٣).
والإعجاز القرآني في قوله تعالى : (باباً) وروّاد الفضاء كما مرّ معنا عند ما تقلع مركباتهم الفضائية في السماء ، فإنها تحلّق ضمن خطوط مرسومة لها قبل إقلاعها وعند وصولها إلى الغلاف الغازي ، فإنه ليس بمقدورها الخروج منه إلا عبر هذه الأبواب ، والتي اصطلح على تسميتها علماء الفلك بمنافذ الغلاف الجوي.
__________________
(١) سورة الرحمن ، الآية : ٣٣.
(٢) سورة الأنبياء ، الآية : ٣٢.
(٣) سورة الحجر ، الآيتان ١٤ ، ١٥.