السائلين ، لأن تجاذب الجزئيات يختلف من سائل إلى آخر ، ولذا يحتفظ كل سائل باستقلاله في مجاله ، وقد استفاد العلم الحديث كثيرا من هذا القانون ، الذي عبر عنه القرآن الكريم بقوله سبحانه : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) وملاحظة هذا البرزخ لم تخف عن أعين القدماء ، كما لم تتعارض مع المشاهدة الحديثة.
ونستطيع بكل ثقة أن نقول إن المراد من البرزخ إنما هو المط أو التمدد السطحي الذي يوجد في الماءين والذي يفصل أحدهما عن الآخر) (١).
ثم يستعرض عددا من الأمثلة في عدة جوانب من العلوم مقارنا ذلك مع ما ورد في كتاب الله تعالى ، بدقة وموضوعية ، ثم يقول : (لسنا نملك أمام هذا التوافق المدهش بين ما ورد في الماضي البعيد وما اكتشف بالأمس القريب ، إلا أن نؤمن بأن هذا الكلام صادر عن موجود يحيط علمه بالماضي والحال والمستقبل على السواء) (٢).
ثانيا ـ الدكتور محمد جمال الدين الفندي (٣) :
يعرض الدكتور الفندي قضية الإعجاز العلمي في القرآن لكن بتحفظ وتثبت دون مغالاة أو تجاوز ويقف عند حدود النص ومدلولاته اللغوية والشرعية ، ويعتمد المنهج الدقيق الصحيح ، وهو : تفسير القرآن على أساس الحقائق العلمية الثابتة لا النظريات المتغيرة المتبدلة ، ويسوق مجموعة من الأمثلة التي تثبت إعجاز القرآن الكريم ، يقول : (وسوف نوضح كيف تمشّى العلم مع القرآن الكريم منذ نزل وتلك قاعدة عامة طالما كانت التعليقات العلمية أو التفسيرات مبنية على حقائق سليمة علمية وقاصرة على الحقائق بعيدا عن النظريات المتطورة ، ومن غير أن نكلف الآيات ما لا طاقة لها به من مجاز أو كناية) (٤).
__________________
(١) انظر : الإسلام يتحدى ، وحيد الدين خان ، ص : ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٢) المصدر نفسه ، ص : ١٥١.
(٣) رئيس قسم الفلك وأستاذ الطبيعة الجوية بكلية العلوم في جامعة القاهرة ، كما أنه عضو في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر ، له العديد من المؤلفات العلمية والدينية منها : قصة الكون ، والصعود إلى المريخ ، والإسلام وقوانين الوجود. عن مقدمة دار النشر لهذا الكتاب ، الهيئة المصرية العامة للكتب.
(٤) الإسلام وقوانين الوجود ، محمد جمال الدين الفندي ، القاهرة ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٨٢ ، ص : ٥٥.