وأما قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) ، ففي هاتين الآيتين برهان قوي على دوران الأرض حول نفسها ذلك لأن (الأرض لو كانت غير متحركة لسكن الظل ولم يتغير طولا أو قصرا ، وهذا الدوران رحمة من عند الله ولولاه لظلت الشمس مسلطة على نصف الأرض ، بينما يظل النصف الآخر ليلا دائما مما يؤدي إلى هلاك البشر من شدة الحر أو البرد ، كما تشير الآية إلى دور ضوء الشمس كمؤشر للظل نظرا لاختلاف نفاذية الضوء خلال الأوساط المادية المختلفة ، ولاختلاف الموقع الظاهري للشمس خلال النهار ، بسبب دوران الأرض حول نفسها بمعدل يؤدي إلى نسخ الظل تدريجيا ، بمقدار متناسب مع مرور الزمن وليس دفعة واحدة ، وهذا هو المقصود بقوله تعالى : (قَبْضاً يَسِيراً) وبهذا يتّضح كيفية مد الظل وارتباطه بدوران الأرض ، ولو شاء الله لجعل الظل ساكنا بإيقاف دوران الأرض حول نفسها أو بجعلها تدور حول محورها بنفس معدل دورانها حول الشمس ، أي يجعل اليوم يساوي سنة أرضية ، وهذه أمور لا يقدر عليها إلا الله سبحانه وتعالى) (١).
الحقائق العلمية :
أفاضت كتب الفلك وكتب وموسوعات الجغرافيا ، الحديث عن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس ، وأسهبوا عما تنتجه هذه الدورات من تعاقب الليل والنهار والفصول الأربعة وغير ذلك ، وسنقف عند بعض ما قاله العلماء المختصون في هذا الشأن.
(الفصول الأربعة سخّرت من حركة الأرض أمام الشمس مع ميل المحور لمنفعة الإنسان حتى يتمكن من القيام بمهمة الخلافة في الأرض ، فالأرض تقطع أثناء دورتها حول الشمس مرة كل سنة «٣٦٥ يوما» مسافة ٩٦٠٠ مليون ك. م ، وهذه الحركة هي السبب في حدوث ظاهرة الفصول الأربعة ويلاحظ أن هذا المدار بيضوي الشكل وبذلك يتغير متوسط بعد الأرض عن الشمس البالغ ٦ ، ١٤٦ مليون ك. م بمقدار ٠٠٠ ، ٩٩١ ، ٤ ك. م على مدار السنة ، ومعنى هذا تغير في زاوية سقوط الأشعة الشمسية على مناطق الأرض بعدا مختلفا منها على مدار السنة ، حين سلكوها هذا المدار البيضوي الشكل حول الشمس ، وهذا هو سبب حدوث الفصول الأربعة) (٢).
__________________
(١) الكون والإعجاز العلمي للقرآن ، منصور حسب النبي ، ص ١٥٤.
(٢) المنهج الإيماني للدراسات الكونية ، عبد العليم خضر ، ص ٢٩١.