رابعا ـ الإمام السيوطي (١) :
ثم جاء الإمام جلال الدين السيوطي ليؤكد في كتابيه «الإتقان في علوم القرآن» و «معترك الأقران» ما ذهب إليه من قبله من العلماء ، بأن القرآن يحتوي على علم الأولين والآخرين ، ونراه يسوق طائفة من الآيات والأحاديث والآثار وأقوال العلماء ليدلل على ما ذهب إليه.
فمن الآيات قوله تعالى : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (٢) وقوله تعالى : (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) (٣).
ومن الأحاديث ما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : (سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنها ستكون فتنة» فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : «كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدي في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ، من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم خذها إليك يا أعور) (٤).
ومن الآثار : (ما روي عن ابن مسعود أنه قال : من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين ، وعن الحسن قال : أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها
__________________
(١) ٨٤٩ ـ ٩١١ ه ، ١٤٤٥ ـ ١٥٠٥ ، عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري السيوطي ، إمام وحافظ ومؤرخ وأديب ، كان من الأغنياء والأمراء نشأ في القاهرة يتيما ، مات والده وعمره خمس سنوات ، له نحو ٦٠٠ مصنف منها : الإتقان في علوم القرآن ، والأرج في الفرج ، والأشباه والنظائر ، وغيرها. انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٣ / ٣٠١ ، بتصرف ، وكشف الظنون ، للقسطنطيني ، ١ / ٧٥ ، بتصرف.
(٢) سورة الأنعام ، الآية : ٣٨.
(٣) سورة النحل ، الآية : ٨٩.
(٤) رواه الترمذي ، ٥ / ١٧٢ ، رقم : (٢٩٠٦) ، وقال : هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وإسناده مجهول ، وورد في سنن الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، الطبعة الأولى ، ١٤٠٧ ه ، تحقيق ، خالد العلي ٢ / ٥٢٦ ، رقم : (٣٣٣١).