المبحث الرابع
اهتزاز الأرض بنزول ماء السماء
قال تعالى : (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (١).
وقال سبحانه وتعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢).
في هاتين الآيتين حقائق علمية وعطاءات جيولوجيا مدهشة ، فالقرآن يصف سطح الأرض بأنه هامد وخاشع ، ثم إنه يعقب على ذلك بحيث إذا نزل ماء السماء ، حدث في الأرض اهتزاز مما يؤدي إلى زيادة في الأرض.
هذه الصورة القرآنية هي صورة وصفية لأدق الحقائق العلمية ، التي وفّق إنسان عصرنا للكشف عنها والتعرف على مراحلها بدقة ، وحري بنا أن نقف عند ما قاله المفسرون وأصحاب اللغة في هاتين الآيتين الكريمتين.
يقول الإمام الطبري : (وترى الأرض يا محمد يابسة دارسة الآثار من النبات والزرع ، وأصل الهمود الدروس والدثور ، ويقال منه : همدت الأرض تهمد همودا) (٣).
وعند الرازي : ((وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً) وهمودها يبسها وخلوها من النبات والخضرة (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) والاهتزاز الحركة على سرور فلا يكاد يقال اهتز فلان لكيت وكيت إلا إذا كان الأمر من المحاسن والمنافع فقوله : (اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) أي تحركت بالنبات وانتفخت ، أما قوله : (وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) فهو
__________________
(١) سورة الحج ، الآية : ٥.
(٢) سورة فصلت ، الآية : ٣٩.
(٣) جامع البيان ، للطبري ، ١٧ / ٨٩.