ذهبوا إليه من أن الرياح تلقح الأشجار فقط ، لاستلزم المعنى واقتضى السياق القرآني أن ينبني عليه إخراج الزرع والثمار بدل إنزال الماء ، أما وأن القرآن قد رتب وأعقب إرسال الرياح اللواقح إنزال الماء من السماء ليسقيه الناس ، فقد تحتّم أن يكون المقصود باللواقح تلقيح الرياح للسحب لإنزال المطر ، ويتضح الربط هذا من الفاء ، التي ربطت بين السبب والمسبب ، وأقامت العلاقة المتينة بين العلة والمعلول ليكون المعنى (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) وهذا هو وجه الإعجاز القرآني في هذا الصدد وهذا ما أثبته علماء المناخ.
الحقائق العلمية :
جاء في موسوعة «المعارف الكونية» : (لقد اكتشف العلماء حديثا أن الرياح علاوة على حملها لبخار الماء ، فإنها تحمل معها أنوية التكثف على اختلاف أنواعها ، من جسميات صغيرة تنتشر في الهواء بكميات وفيرة أشبه ما تكون بالذرات ، أو حطام المواد الذي نراه يسبح في حزمة من أشعة الشمس ، قوامه جسيمات من التربة وأتربة المصانع ودخان الأفران ... وبطبيعة الحال يزداد تلوث الهواء بمثل هذه الجسيمات داخل المدن ويقل في الأرياف ، وهذه الجسيمات تعمل على تماسك أو تجمع جزيئات الماء العالقة في الهواء مع بعضها البعض لتكون نقط الماء أو بلورات الثلج ، ولهذا تدعى نوى التكاثف (Condensation nuclei) وبهذا فإن قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ) يشير إلى فضل الله تعالى على عباده بجعل الرياح تقوم بهذه الوظيفة) (١).
وهذه الحقيقة وردت في كتب علماء المناخ ، ومن هذه الكتب كتاب «الغلاف والطقس والمناخ» ومما جاء فيه : (تكوين أو تشكيل السحب يعتمد على حالة عدم استقرار الغلاف الجوي ، والحركة الراسية كما إنه متحكم بواسطة العمليات على المقياس الصغير وهذه سوف يتم شرحها ...
نواة التكاثف (Condensation nuclei) : إنه من الأهمية بمكان ملاحظة أن التكاثف يحدث بصعوبة قصوى في الهواء الصافي ، والخالي نسبيا من الغبار الذري المتساقط ، هذا فضلا عن أن الرطوبة يجب أن تجد السطح المناسب الذي يمكن أن تتكاثف عليه ، وإذا تدنت درجة حرارة الهواء الصافي إلى أقل من نقطة الندى (point Condensation)
__________________
(١) المعارف الكونية ، إعداد نخبة من العلماء ، ص : ٣٥٨.