حبيباتها مستديرة يتراوح الارتفاع فيها بين بضعة أقدام إلى عشرات الأمتار ... ومن فوائدها أنها تنقل هذه البذور من أماكن إنتاجها إلى مناطق أخرى بعيدة عن الوطن الأم ، مما يوسع انتشارها وينوّع الغطاء النباتي في المنطقة الزراعية ، فإن الرياح التي تذر ذلك الهشيم تنتقل إلى مسافات بعيدة ، وهي تحمل معها تلك الثمار أو البذور ، فإذا هدأت سرعتها وعجزت عن الاستمرار في الإمساك بحمولتها النباتية ، وقعت تلك البذور في تربة جديدة ، فإذا ما استقرت فيها واستوفت حاجتها من الماء والمساحة والضوء وغير ذلك من العوامل اللازمة للإنتاج ، فإنها تنمو دون تنافس وتنوع الغطاء النباتي في الأرض الجديدة ، ولهذا أهميته المعتبرة عند الأخصائي الزراعي) (١).
كما أنها تحمل (بعض النباتات أو أجزاء منها من مكان إلى آخر ، حاملة البذور تنثرها أينما ذهبت ومثل هذه النباتات يقال لها : (tumble weeds) ومن هذه النباتات ، كف مريم وهو نبات صحراوي يحمل أفرعا تحمل الثمار ، وفي الجو الجاف تنحني الأفرع نحو الداخل ويتكور النبات كالكرة ، التي تحملها الرياح إلى مسافات بعيدة ، وإذا ما وصلت الكرة إلى منطقة رطبة تستقيم الأفرع وفي نفس الوقت تتفتح الثمار وتنتشر البذور) (٢).
وإلى هذا المعنى أشار الحق سبحانه وتعالى في سورة الكهف : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ) (٣).
الإعجاز :
لقد قرر القرآن الكريم أن الرياح من أبرز مهماتها أنها تلقح السحب ، وتثير الغيوم لتنزل الأمطار وتنهمر المياه ، ولم يكن أحد من الناس يعرف هذه الحقيقة قبل عصرنا هذا ، عصر الكشوفات العلمية وما ذكره المفسرون من تلقيح الرياح للسحب ، ليس بسبب تقنية علمية اعتمدوا عليها ، إنما هو استمداد من كلام الله المعجز ، الذي آمنوا بما جاء فيه ، والذي تتجدد حقائقه على مرّ الأيام وكرّ العصور ، والذي يسجل الحقائق العلمية ، ثم يكتشفها الناس لتكون لهم آية ومعجزة.
__________________
(١) مشهد الرياح وتصريفها ، عبد الكريم بن حسن العثمان ، ص : ١١٦ ، وما بعدها.
(٢) النباتات الزهرية ، شكري إبراهيم سعد ، ص : ١٧٠.
(٣) سورة الكهف ، الآية : ٤٥.