المبحث الثاني
أبرز المؤيدين من العلماء المعاصرين
قبل الشروع في التعرف على أبرز العلماء المعاصرين وعلى رأيهم في هذا الصدد ، يلفت الانتباه إلى أن الهدف الأساسي الذي يسعى المؤيدون للتفسير العلمي لتحقيقه إنما هو : استنباط بعض المعاني الجديدة من الآيات القرآنية على أساس العلوم الكونية ، لكن ضمن إطار النص القرآني ، ودون جرّ الآيات القرآنية إلى النظريات بشكل تعسفي ، أو تحميل النص القرآني ما لا يحتمل ، فإذا كان الأمر كذلك فإننا وجدنا في العصر الحديث من يحاول تفسير النصوص القرآنية تفسيرا تعسفيا قد أخرجها عن مدلولاتها اللغوية ومعانيها الشرعية ، فإذا ما سمع بنظرية علمية أسرع ليجد لها من كتاب الله ما يؤكدها ولا ضير إن ثنى أعناق الآيات وطوعها لهذه النظرية ، أو أنه أقحم هذه النظرية إقحاما قسريا في نصوص القرآن ...
ومن هنا سيعرض في هذا المبحث لطائفتين من أقوال العلماء ، الطائفة الأولى : وهم العلماء المثبتون لقضية الإعجاز ولكن بمغالاة ومنهم : محمد عبده ، عبد الرحمن الكواكبي ، طنطاوي جوهري ، والطائفة الثانية : وهم العلماء المثبتون لقضية الإعجاز ولكن باعتدال ومنهم : مصطفى صادق الرافعي وحيد الدين خان ، محمد جمال الدين الفندي ، مصطفى المراغي ، وسنبدأ بالحديث عن القسم الأول وهم المغالون.
أولا ـ الإمام محمد عبده (١) :
يعتبر الشيخ محمد عبده من رواد هذا الاتجاه في تفسير القرآن في العصر الحديث ،
__________________
(١) ١٢٦٦ ـ ١٣٢٣ ه ، ١٨٤٩ ـ ١٩٠٥ ، محمد عبده بن حسن خير الله من آل التركماني ، مفتي الديار المصرية ، ومن كبار رجال الإصلاح والتجديد في الإسلام ، ولد في شنرا من قرى الغربية في مصر ، تعلم بالأزهر وتصوف وتفلسف ، أصدر مع صديقه جمال الدين الأفغاني جريدة العروة الوثقى ، ثم تولى منصب القضاء في مصر عام ١٨٨٨ ، ثم مفتيا للديار المصرية عام ١٣١٧ ه ، واستمر إلى أن توفي بالإسكندرية ودفن في القاهرة ، له تفسير القرآن الكريم ، ورسالة التوحيد ، والفلسفة والتصوف ، وغيرها. انظر : الأعلام ، لخير الدين الزركلي ٦ / ٢٥٢ بتصرف.