تمهيد
الرياح هو هواء متحرك ، وفيه الحياة فوق هذه البسيطة ، ولم يستأثره أحد دون الآخر ، وما ملّكها الله سبحانه وتعالى ووكل بها أحدا من الناس ، بل زمام أمورها وتصاريف حركاتها وشئونها بيد الخالق الرحيم جل جلاله.
قال تعالى : (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١).
وقال سبحانه : (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (٢).
وللرياح وظائف كثيرة ، سخرها الحق سبحانه وتعالى خدمة لمخلوقاته ، فالرياح تنقل الطاقة من المناطق المدارية إلى المناطق القطبية الشحيحة بالطاقة ، كما أن لها دورا فعالا في تكاثف بخار الماء وتكوين السحب والغيوم ...
كما أنها تنقل بعض عناصر الجو من أمكنتها إلى مناطق أخرى ، وتنقل الأوبئة والتلوث الجوي من مكانها إلى مكان آخر ، وتنقل الضباب المتنقل والصقيع ، وغير ذلك من الظواهر الطبيعية التي يعرفها دارسو المناخ والغلاف الجوي.
وسيعرض موجز لأهم أنواع الرياح وأشكالها ، وذلك من منظور القرآن والعلم ، ثم يوقف بعد ذلك على وجوه الرحمة والعظمة في هذا المخلوق العجيب ، لأن الرياح إما أن تكون رياح خير وبشرى ، أو ريح دمار وعذاب ، كما سيركز على السحب وأنواعها وطرق تشكلها ، ويشار إلى وصف القرآن لهذا التشكل ، ثم يثبت ما وصل إليه العلماء
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٦٤.
(٢) سورة الجاثية ، الآية : ٥.