المبحث الأول
أنواع الرياح بين القرآن والعلم
بادئ ذي بدء يشار إلى أن الرياح وردت في كتاب الله تعالى بمعنى الخير والبشرى ، وذلك عند ما تجمع (رياح) وإذا أفردت (ريح) فإنها تدل على الخراب والدمار والهلاك ، وقد عرفها صاحب «مفردات ألفاظ القرآن» فقال : (الريح معروف ، فهو فيما قيل : الهواء المحرك ، وعامة المواضيع التي ذكر الله تعالى فيها إرسال الريح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب ، وكل موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فهو عبارة عن الرحمة ، أمثلة لذلك :
فمن الريح قوله تعالى في شأن عاد : (إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) (١).
وفي الحديث عن غزوة الأحزاب قال تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) (٢).
وشبه الحق أعمال الكفرة بالرماد التي تشتد به الريح فقال : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) (٣).
وكذلك قوله تعالى : (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ) (٤).
وأورد أمثلة بصيغة الجمع «الرياح» التي يدل على رحمته ، من ذلك قوله تعالى : (وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) (٥).
وقوله سبحانه : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) (٦).
__________________
(١) سورة القمر ، الآية : ١٩.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٩.
(٣) سورة إبراهيم ، الآية : ١٨.
(٤) سورة آل عمران ، الآية : ١١٧.
(٥) سورة الحجر ، الآية : ٢٢.
(٦) سورة الروم ، الآية : ٤٦.