والتطبيق وفق ما يهديه إليه عقله الموهوب له ليعمل لا ليتسلم المعلومات المادية جاهزة.
والثالثة هي : التأويل المستمر مع التمحل والتكلف لنصوص القرآن كي نحملها ونلهث بها وراء الفروض والنظريات التي لا تثبت ولا تستقر وكل يوم يجد فيها جديد ، وكل أولئك لا يتفق وجلال القرآن كما أنه يحتوي على خطأ منهجي كما أسلفنا ...) (١).
٣ ـ محمد عبد العظيم الزرقاني (٢) :
عقد الشيخ الزرقاني في كتابه القيّم «مناهل العرفان في علوم القرآن» بابا بعنوان : موقف القرآن من العلوم الكونية ، وفيه يعلن معارضته للتفسير العلمي للقرآن الكريم ، يقول : (موقف القرآن من العلوم الكونية ... ومعنى هذا أن القرآن روعيت فيه بالنسبة إلى العلوم الكونية اعتبارات خمسة لا يصدر مثلها عن مخلوق ، فضلا عن رجل أمي نشأ في الأميين وهو محمد صلىاللهعليهوسلم.
أولها : أنه لم يجعل تلك العلوم الكونية من موضوعه ، وذلك لأنها خاضعة لقانون النشوء والارتقاء وفي تفاصيلها من الدقة والخفاء ما يعلو على أفهام العامة ، ثم إن أمرها بعد ذلك هين بإزاء ما يقصده القرآن من إنقاذ الإنسانية العاثرة وهداية الثقلين إلى سعادة الدنيا والآخرة ، فالقرآن كما أسلفنا في المبحث الأول كتاب هداية وإعجاز ، وعلى هذا فلا يليق أن نتجاوز به حدود الهداية والإعجاز حتى إذا ذكر فيه شيء من الكونيات فإنما ذلك للهداية ودلالة الخلق على الخالق ، ولا يقصد القرآن مطلقا من ذكر هذه الكونيات أن يشرح حقيقة علمية في الهيئة والفلك أو الطبيعة والكيمياء ، ولا أن يحل مسألة حسابية أو معادلة جبرية أو نظرية هندسية ، ولا أن يزيد في علم الطب بابا ولا في علم التشريح فصلا ، ولا أن يتحدث عن علم الحيوان أو النبات أو طبقات الأرض إلى غير ذلك ...
__________________
(١) في ظلال القرآن ، سيد قطب ، القاهرة ، دار الشروق ، الطبعة الخامسة والعشرون ، ١٤١٧ ه / ١٩٩٦ ، ١ / ١٨٠ ـ ١٨٢.
(٢) ... ـ ١٣٦٧ ه ... ـ ١٩٤٨ ه ، محمد عبد العظيم الزرقاني ، من علماء الأزهر بمصر ، تخرج بكلية أصول الدين ، وعمل بها مدرسا لعلوم القرآن والحديث ، وتوفي بالقاهرة ، من أشهر كتبه ، مناهل العرفان في علوم القرآن. انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٦ / ٢١٠ ، بتصرف.