المبحث الرابع
وجمع الشمس والقمر
قال تعالى : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) (١).
تتحدث هذه الآية الكريمة عن حدث من الأحداث التي ستتزامن مع قيام الساعة ، وتتساور مع خراب الكون ودماره ، فالشمس والقمر ـ كما تنص الآية القرآنية ـ سوف يجتمعان ، وهذه الصورة القرآنية أسهب علماء الفلك بالحديث عنها ، من أن الشمس سيكبر حجمها وتجتمع مع القمر ، ولا شك أنهم لا يعرفون الآية القرآنية ولم يقرءوها ، بحكم توغّلهم في العلوم المادية التطبيقية وبعدهم عن القرآن ، كما أنهم تحدثوا عن دوران القمر حول الأرض ، وأنه خلال دورانه يبتعد شيئا فشيئا عن الأرض ، ولو بنسبة قليلة إلا أن هذا الابتعاد سيوقعه في جاذبية الشمس ويجتمع معها يوما ما ، وقبل أن نصغي لهذه النتائج العلمية الفلكية ، نسوق بعض أقوال المفسرين في الآية الكريمة.
يقول الإمام الرازي : (قوله : (وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) فيه مسائل : المسألة الأولى ، ذكروا في كيفية الجمع وجوها أحدها : أنه تعالى قال : (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) (٢) فإذا جاء وقت القيامة أدرك كل واحد منهما صاحبه واجتمعا ، وثانيها : جمعا في ذهاب الضوء ، فهو كما يقال مثلا : الشافعي يجمع ما بين كذا وكذا في حكم كذا ، وثالثها : يجمعان أسودين مكورين كأنهما ثوران عقيران في النار ، وقيل : يجمعان ثم يقذفان في البحر ، فهناك نار الله الكبرى) (٣).
__________________
(١) سورة القيامة ، الآية : ٩.
(٢) سورة يس ، الآية : ٤٠.
(٣) التفسير الكبير ، للفخر الرازي ، ٣٠ / ٧٢٥ ، وانظر : تفسير ابن عباس ، إعداد ، عبد العزيز بن عبد الله الحميدي ، مكة المكرمة ، مركز البحث العلمي ، د. ت ، ص ٩٤٩.