الأحكام الشرعية ، فمن طلبه بغير ما هو أداة له ضلّ عن فهمه ، وتقوّل على الله ورسوله فيه ، والله أعلم ، وبه التوفيق) (١).
(ومنطق الشاطبي هنا منطق قوي ، وأدلته لا مطعن فيها ، إلا ما كان من اعتماده على أمية الشريعة ، بناء على أمية الأمة ، ذلك أن أمية الأمة ليست أمرا مطلوبا ولا مرغوبا فيه ، بل بعث الله رسوله في الأميين ليخرجهم من الأمية إلى باحة العلم والنور كما قال تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢) فهذه مهمة الرسول صلىاللهعليهوسلم مع الأميين : التلاوة والتزكية وتعليم الكتاب والحكمة ، ولا أعجب أن كانت الآيات الأولى من الوحي تنبئ بذلك (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (٣) فالأمية ممدوحة في حقه صلىاللهعليهوسلم لأنها أدل على الإعجاز ، وليست ممدوحة في حق الأمة ، وعلى الأمة أن تتحرر منها لتتعلم وتتفقه وتنظر في ملكوت السموات والأرض ...) (٤).
ثانيا ـ المعارضون من العلماء المعاصرين
١ ـ الشيخ محمود شلتوت (٥) :
لم يخرج شيخ الأزهر محمود شلتوت عن الأطر التي رسمها الشاطبي لمعارضته ، فها هو ذا يعلن معارضته الواضحة لتفسير القرآن على أساس العلم في مقدمة تفسيره فيقول : (وأما الناحية الثانية : فإن طائفة أخرى فهي طائفة المثقفين الذين أخذوا بواف من العلم الحديث ، وتلقنوا أو تلقفوا شيئا من النظريات العلمية والفلسفية وغيرها ،
__________________
(١) الموافقات ، إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الغرناطي الشاطبي ، ٢ / ٣٩٠.
(٢) سورة الجمعة ، الآية : ٢.
(٣) سورة العلق ، الآية : ١.
(٤) كيف نتعامل مع القرآن العظيم ، يوسف القرضاوي ، القاهرة ، دار الشروق ، الطبعة الأولى ، ١٤١٩ ه / ١٩٩٩ ، ص ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٥) ١٣١٠ ـ ١٣٨٣ ه ، ١٨٩٣ ـ ١٩٦٣ ، محمود شلتوت ، فقيه ومفسر ولد في منية بني منصور في البحيرة ، وتخرج بالأزهر عام ١٩١٨ وكان داعية إصلاح نير الفكر ، ومن أعضاء كبار العلماء ، ومن أعضاء مجمع اللغة العربية ، ثم تعين شيخا للأزهر عام ١٩٥٨ ، إلى وفاته ، له ٢٦ مؤلفا مطبوعا منها : التفسير ، وحكم الشريعة ، والقرآن والمرأة ، وغيرها. انظر : الأعلام ، للزركلي ، ٧ / ١٧٣ ، بتصرف.