فإذا صار القمر في آخرها عاد إلى أولها ، فيقطع الفلك في ثمان وعشرين ليلة ، ثم يستتر ثم يطلع هلالا ، فيعود في قطع الفلك على المنازل ، وهي منقسمة على البروج لكل برج منزلان وثلث فللحمل الشرطان والبطين وثلث الثريا ، وللثور ثلثا الثريا والدبران وثلثا الهقعة ، ثم كذلك إلى سائرها (١).
وأما العرجون : (حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) فهو (عود العذق الذي عليه الشماريخ ، وهو فعلون من الانفراج وهو الانعطاف ، أي سار في منازله ، فإذا كان في آخرها دقّ واستقوس وضاق حتى صار كالعرجون القديم ، و «العرجون» الذي يبقى من الكباسة في النخلة إذا قطعت و «القديم» البالي) (٢).
وفي تفسير «الكشاف» : (عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ) وهو عود العذق ما بين شماريخه إلى منبته من النخلة ... والقديم المحلول ، إذ قدم ودق وانحنى واصفرّ فشبه به من ثلاث أوجه) (٣).
بعد هذا التطواف الموجز عن منازل القمر في كتب المفسرين ، نأتي إلى حديث علماء الفلك عن منازل القمر وتحركاته ، ولا شك أن علماء الفلك قد أسهبوا في الحديث عن منازل القمر ، وعن أوجهه إلا أننا سنقتصر على دراسة واحدة لمنازل القمر.
الحقائق العلمية :
ففي كتاب «القمر» : (يتخذ القمر خلال دورته الشهرية ، أي الانتقالية حول الأرض مواقع محددة بالنسبة لها وللشمس ، وله في كل من تلك المواقع مظهر خاص راجع إلى مقدار المساحة التي يغمرها النور من وجهه ، والشكل الذي يتخذه ذلك الجزء المغمور بالنور ، وتدعى تلك المظاهر باسم «منازل القمر» أو «وجوهه» علما بأن شروق القمر ، يتأخر كل يوم عن اليوم السابق بمقدار ٥٠ دقيقة وسطيا وأول تلك الوجوه :
اولا : الهلال
هو أول منزل من منازل القمر ، إذ يكون القمر يومها قد ابتعد قليلا عن نقطة
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ، القرطبي ، ٨ / ٢١.
(٢) المصدر نفسه ، ٨ / ٢٢.
(٣) الكشاف ، للزمخشري ، ٣ / ٣٢٣.