العذراء عليهاالسلام قال تعالى : (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢)) (١).
ومن معجزاته التي أجراها الله على يديه كذلك ، ما ذكر الحق بقوله : (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٢).
وهكذا نرى أن معجزات الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسّلام كانت منسجمة مع ما نبغ فيه قومهم ، لتثبت الحجة عليهم ويقوم البرهان على صدق دعوى الرسل ، ولكن كما أشرنا سابقا أن هذه المعجزات كانت محصورة في زمن محدد ومرتبطة بوجود أصحابها من الرسل ، وبعد التحاقهم بالرفيق الأعلى ، غدت معجزاتهم تاريخا يذكر للعظة والعبرة.
ثانيا : معجزات نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم.
أيّد الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلىاللهعليهوسلم بمعجزات حسية مدركة ، وبالمعجزة الخالدة القرآن الكريم ، وستذكر لمحة سريعة عن المعجزات الحسية ، ليركز بعدها على المعجزة الخالدة.
المعجزات الحسية :
بين معجزة نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ومعجزات الأنبياء السابقين ، قاسم مشترك من جهة المعجزات الحسية فلقد أيّد الحق عزوجل رسوله الكريم صلىاللهعليهوسلم بمعجزات حسية ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنّة المطهرة ، من ذلك نبع الماء من بين أصابعه صلىاللهعليهوسلم ، وتكثير
__________________
(١) سورة مريم ، الآيات ٢٧ ـ ٣٢.
(٢) سورة المائدة ، الآية : ١١٠.