هذه الآيات تشير بكل وضوح إلى أن هناك أعمدة منتشرة في السماء ، وأن السماء بنيت عليها إلا أن هذه الأعمدة لا ترى ، وهذه الأعمدة هي قوة الجاذبية التي لا تخضع للرؤية كما سنرى بعد قليل من أقوال العلماء.
يقول القرطبي : (لها عمد ولكنا لا نراه ، قال ابن عباس : لها عمد على جبل قاف ويمكن أن يقال على هذا القول : العمد قدرته التي يمسك بها السموات والأرض وهي غير مرثية لنا) (١).
وفي «التفسير الشامل» : (خلق السموات العلى على غاية ما يكون عليه الاتساع والامتداد والفخامة ، وعلى أكمل ما يكون عليه الاتساق والتوازن والانتظام ، خلائق كبيرة وكثيرة ، وأجرام هائلة مبثوثة في أجواء الفضاء ، يضمها نظام دقيق ومنضبط لا يعرف الخلل أو العشوائية أو الفوضى تلك هي السموات الشامخات الكبريات ، قد رفع الله بناءها ، وجعلها منسجمة رفيعة لا تستند إلى ما يمسكهن من الأعمدة المنظورة ، ولكن الله قدر لها من النظام الكوني الوثيق ما يكفل لها تمام الدوران والحركة والاستمرار) (٢).
الحقائق العلمية :
حقيقة الجاذبية التي قررها القرآن ، وأنزل الآيات التي تتحدث عنها على قلب النبي صلىاللهعليهوسلم كشف عنها روّاد العلم بعد عصور طويلة فحدثونا عنها ، ويرجع الفضل في اكتشاف قانون الجاذبية إلى (إسحاق نيوتن) ، والذي يعرف الجاذبية فيقول : (إن جميع الأجسام والأجرام في هذا الكون تجذب بعضها البعض ، بقوة يتوقف مقدارها على كمية الكتلتين المتجاذبتين ، وعلى بعد المسافة بينهما وتزداد القوة ، أي تتناسب طرديا مع مقدار حاصل ضرب الكتلتين ، وتقل ، أي تتناسب عكسيا مع مربع المسافة بينهما ، ويمكن أن نقول ببساطة : إن القوة تزداد مع مقدار الكتلتين وتقل كلما بعد المسافة بينهما ، والقانون أو الناموس الحاكم في حالة التفاحة والأرض هو :
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ٩ / ٢١٨ ، وانظر : زاد المسير ، لابن الجوزي ، ٤ / ٣٠٢ ، وانظر : معالم التنزيل ، للبغوي ، ٣ / ٦ وانظر : حاشية محي الدين شيخ زاده على تفسير الإمام البيضاوي ، تحقيق ، محمد شاهين ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولى ١٤١٩ ه / ١٩٩٩ ، ٥ / ٩٠.
(٢) التفسير الشامل ، أمير عبد العزيز ، القاهرة ، دار السلام ، الطبعة الأولى ، ١٤٢٠ ه / ٢٠٠٠ ، ٣ / ١٧٧٨.