أربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ، ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ، وقال الإمام الشافعي : جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة ، وجميع السنة شرح للقرآن ... وقال أيضا : جميع ما حكم به النبي فهو مما فهمه من القرآن ... وعن ابن سراقة أنه حكى في كتاب الإعجاز عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال : ما شيء في العالم إلا وهو في كتاب الله فقيل له : فأين ذكر الخانات فيه ، فقال : في قوله : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ) (١) فهي الخانات ، وقال ابن الفضل المرسي في تفسيره : جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم بها ، ثم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خلا ما استأثر به سبحانه وتعالى ، ثم ورث ذلك عنه معظم سادات الصحابة وأعلامهم ، مثل الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، حتى قال : لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى ، ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ، وقال ابن سراقة : من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب والجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتنصيف والمضاعفة ، ليعلم بذلك أهل العلم بالحساب أنه صادق في قوله ، وأن القرآن ليس من عنده ، إذ لم يكن ممن خالط الفلاسفة ، ولا تلقى الحساب وأهل الهندسة.
ثم يعقب على ما أورده من أقوال العلماء فيقول : وأنا أقول قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السالفة ...) (٢).
هذه آراء أشهر العلماء القدامى الذين أيّدوا تفسير القرآن على أساس العلم ، وسننتقل في المبحث القادم إلى أبرز من تناوله من العلماء المعاصرين ودافع عنه.
__________________
(١) سورة النور ، الآية : ٢٩.
(٢) انظر : الإتقان في علوم القرآن ، للسيوطي ، ٢ / ٢٣٠ ـ ٢٣١.