تصبح مشبعة بإفراط ، وهذه النوايات يمكن أن تكون ذرات غبار أو دخان أو ملح أو أكسيد الكبريتات ، فتدخل هذه الذرات الغلاف الجوي عن طريق اندفاع فقّاعات الهواء ذرات الملح ، وذرات التربة الناعمة ، وناتج الاحتراق الكيميائي ، فترتفع بواسطة الرياح وتعتبر كلا منها مصدرا هاما للنويات متساويا في المعدل ، وفي المراحل المبكرة تنمو القطيرات الصغيرة بسرعة كبيرة بالمقارنة بالقطيرات الكبيرة ، كما أن بزيادة حجم القطيرات يزداد معدل نموها بواسطة تناقص التكاثف ، ويستمر هذا التدرج في عمليات التكاثف لتشكيل قطرات المطر ، وينمو التساقط في معظم السحب) (١).
ثانيا : المبشرات :
قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (٢).
تصف هذه الآية الكريمة الرياح بأنها بشرى ورحمة ، لأنها تحمل السحاب المثقل بالماء ، والذي يساق بتدبير الحكيم العليم إلى الأرض الميتة لتحيا بعد ذلك ، وتزهو بالخضار وتثقل الأشجار بالثمار وينعم الإنسان بفضل الله ورحمته.
قال القرطبي : ((حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً) السحاب يذكّر ويؤنّث ... والمعنى حملت الريح سحابا ثقالا بالماء ، أي أثقلت بحمله ... (فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ) أي بالبلد ، وقيل : أنزلنا بالسحاب آلة لإنزال الماء) (٣).
ورياح المبشرات هذه ، تحمل البشرى بالخير والبركة للخلائق ساكني الأرض ، ولها وظائف أخرى سخّرها الله سبحانه وتعالى لمصلحة عباده ، ومن تلك الوظائف ما ذكره
__________________
(١) الغلاف والطقس والمناخ ، بيري شوري ، ترجمة ، عبد القادر علي ، طبع الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية ، القاهرة ، ١٩٩٣ ، ص ١٠٨.
(٢) سورة الأعراف ، الآية : ٥٧.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي ، ٤ / ٢٣٠ ، وانظر : حاشية الصاوي على الجلالين ، تحقيق ، علي الصباغ ، بيروت ، دار الجيل ، د. ت ٢ / ٧٤ ، وانظر : تنوير الأذهان من تفسير روح البيان ، اختصار محمد علي الصابوني ، القاهرة ، دار الصابوني ، الطبعة الأولى ، ١٩٨٨ ، ١ / ٥٤٤.