المجموعة الشمسية التي هي جزء من مجرتنا درب التبانة ، وهذا الذي وقف عليه المفسرون من دوران الأرض وحركتها ، إنما هو نابع عن فهم معاني النصوص القرآنية ودلالاتها اللغوية ، ولنا أن نستخلص من معطيات الآيات ما يلي :
أولا : تشير الآيات القرآنية إلى حركة الأرض ودورانها ، لأن تعاقب الليل والنهار من أبرز الأدلة على دوران الأرض حول نفسها.
ثانيا : وصف الحق الجبال بأنها تمر مر السحاب ، وهذا لا يكون إلا إذا كان شأن الأرض كذلك لأن الجبال تبع للأرض ، فهذا دليل على سرعة الأرض الهائلة في دورانها.
وهذه الآية الكريمة : (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (١) تكاد تكون صريحة في دلالتها على حركة الأرض حول الشمس ، وليس من المستغرب أن يغيب هذا المعنى العلمي على أصحاب العلم والفضل من المفسرين القدامى ، لأنهم ما عاشوا عصر الثورة العلمية والتقنية العجيبة التي نعيشها اليوم ، فراحوا يخضعون دلالات هذه الآية العلمية وعطاءاتها الإعجازية لعوالم القيامة ومشاهد النكبة والهلع التي ستخيم على الكون ، فجعلوا هذه الآية من نصيب يوم القيامة وأهوالها وأحداثها الجسام ، التي ستنسف خلالها الجبال وتتوارى عن عالم المشاهدة بل والحياة.
والمتأمل في هذه الآية الكريمة يرى أن خطاب الله لرسوله ولكل تال لكتاب الله ، يستثير بواعث التفكير والتأمل في كينونتنا ، ويخلق في ساحة العقل ومواطن الإدراك البشري ، دوافع التمحيص لكشف أسرار هذه الآية ، ألا ترى في نهاية الآية كيف أنه يسترعي انتباهنا ويحفّز ملكاتنا العقلية إلى التدقيق والتأمل في صنعه المتقن المحكم في خلقه ، وكأنّ الله سبحانه وتعالى يقول لنا : انظروا إلى الجبال من حولكم وأمعنوا في تصميمها الدقيق فستظنون أنها جاثمة جامدة لا تتحرك ، إلا أن الحقيقة غير ذلك ، فهي تمرّ مرّ السحاب ، وهذا من بديع صنع الله وإتقانه في ربط قوانين الحياة ونواميس الكون بعضها مع بعض ، ليتكامل تنسيق الكون ، ويتألق جماله البديع فالجبال التي يظنها الإنسان ثابتة هي في الواقع متحركة ، لأنها محمولة وراسية على الأرض ، والأرض تتحرك وتدور حول الشمس كذلكم الجبال وكل ما حوته الأرض يتحرك معها بحكم الجاذبية.
__________________
(١) سورة النمل ، الآية : ٨٨.