تسيرها الرياح سيرا حثيثا ، وذلك أن الأجرام المجتمعة المتكاثرة العدد على وجه الالتصاق ، إذا تحركت نحو سمت لا تكاد تبين حركتها) (١).
ويعلّق الإمام الرازي على آية الظل في سورة الفرقان فيقول : (وهو أنه سبحانه وتعالى لما خلق الأرض والسماء وخلق الكواكب والشمس والقمر وقع الظل على الأرض ، ثم إنه سبحانه خلق الشمس دليلا عليه ، وذلك لأن بحسب حركات الأضواء تتحرّك الأظلال فإنهما متعاقبان متلازمان لا واسطة بينهما ، فبمقدار ما يزداد أحدهما ينقص الآخر ، وكما أن المهتدي يهتدي بالهادي والدليل ويلازمه ، فكذا الأظلال كأنها مهتدية وملازمة للأضواء فلهذا جعل الشمس دليلا عليها ، وأما قوله تعالى : (ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً) فأما أن يكون المراد منه انتهاء الأظلال يسيرا يسيرا إلى غاية نقصاناتها ، فسمى إزالة الأظلال قبضا لها ، أو يكون المراد من قبضها يسيرا قبضها عند قيام الساعة وذلك بقبض أسبابها وهي الأجرام التي تلقي الأظلال ، فهذا هو التأويل المخلص) (٢).
وفي «بدائع التفسير» : (أخبر تعالى أنه بسط الظل ومدّه ، وأنه جعله متحركا تبعا لحركة الشمس ولو شاء لجعله ساكنا لا يتحرك ، إما بسكون المظهر له والدليل عليه ، وإما بسبب آخر ، ثم أخبر أنه قبضه بعد بسطه قبضا يسيرا ... وفي الآية وجه آخر وهو أنه سبحانه وتعالى مدّ الظل حين بنى السماء كالقبة المضروبة ، ودحى الأرض تحتها ، فألقت القبة ظلها عليها ، فلو شاء سبحانه لجعله ساكنا مستقرا في تلك الحال ، ثم خلق الشمس ونصبها دليلا على ذلك الظل) (٣).
هذه الآيات توضح أن جميع الكواكب سيارة متحركة ، ومن ضمن هذه الكواكب كوكبنا الأرض ، وهو بالتالي متحرك سابح في الفضاء مع إخوانه الكواكب في
__________________
(١) روح المعاني ، للآلوسي ، ٢٠ / ٤٣ ، وانظر : تفسير القرآن ، لأبي مظفر السمعاني ، تحقيق ، ياسر ابن إبراهيم وغنيم بن عباس غنيم ، الرياض ، دار الوطن ، الطبعة الأولى ، ١٤١٨ ه / ١٩٩٧ ، ٤ / ١١٧.
(٢) التفسير الكبير ، للفخر الرازي ، ٢٤ / ٤٧٤ ، وانظر : تفسير القرآن الكريم ، محمد علي الدرة ، دمشق ، دار الحكمة ، ١٩٨٢ ، ١٠ / ٣٦.
(٣) بدائع التفسير ، ابن قيم الجوزية ، تحقيق ، يسرى السيد أحمد ، الرياض ، دار ابن الجوزي ، الطبعة الأولى ، ١٤١٤ ه / ١٩٩٣ ، ٣ / ٢٩٦.