الرحيم ، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم ، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة ، والجواب ما تراه لا ما (١) تسمعه» (٢).
[مسير الرشيد إلى هرقلة]
ثم سار ليومه ، فلم يزل حتى نازل مدينة هرقلة ، وكانت غزوة مشهورة وفتحا مبينا. فطلب النقفور الموادعة ، والتزم بخراج يحمله كلّ سنة ، فأجيب. فلما رجع الرشيد إلى الرّقّة نقض الكلب العهد لإياسه من كرّ الرشيد في البرد ، فلم يجسر أحد أن يبلّغ الرشيد نقضه ، بل قال في ذلك عبد الله بن يوسف التّيميّ (٣) :
نقض الّذي أعطيته نقفور |
|
فعليه دائرة البوار تدور (٤) |
أبشر أمير المؤمنين فإنّه |
|
غنم أتاك به الإله كبير (٥) |
وقال أبو العتاهية أبياتا (٦) ، وعرضت على الرشيد ، فقال : أو قد فعلها؟
فكرّ راجعا في مشقّة شديدة حتى أناخ بفنائه ، فلم يبرح حتى بلغ مراده ، وحاز جهاده ، وفي ذلك يقول أبو العتاهية :
ألا نادت هرقلة بالخراب |
|
من الملك الموفّق للصواب |
__________________
(١) عند الطبري وغيره : «ما تراه دون ما تسمعه» ، وهنا مثل الأغاني.
(٢) تاريخ الطبري ٨ / ٣٠٨ ، العيون والحدائق ٣ / ٣١٠ ، الكامل في التاريخ ٦ / ١٨٥ ، نهاية الأرب ٢٢ / ١٤٩ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٧ ، البداية والنهاية ١٠ / ١٩٤ ، دول الإسلام ١ / ١١٩ ، مآثر الإنافة ١ / ١٩٥ ، تاريخ الخلفاء ٢٨٨ ، تاريخ مختصر الدول ١٢٩ ، الأغاني ١٨ / ٢٣٩ ، مرآة الجنّان ١ / ٤٠٣.
(٣) يكنى أبا محمد ، ويقال : هو الحجاج بن يوسف التيمي. (الطبري ٨ / ٣٠٨).
(٤) بعد هذا البيت أورد ابن الأثير :
فتح يزيد على الفتوح يؤمّنا |
|
بالنصر فيه لواؤك المنصور |
(٥) البيتان من أبيات كثيرة في تاريخ الطبري ٨ / ٣٠٨ ، ٣٠٩ ونهاية الأرب ٢٢ / ١٥٤ ، ١٥٥ ومروج الذهب ١ / ٣٣٠ ، ٣٣١ ، وأورد ابن الأثير في الكامل (٦ / ١٨٦) ثلاثة أبيات ، وفي العيون والحدائق ٣ / ٣١٠ البيت الأول فقط ، وفيه :
وعليه دائرة المنون تدور
وفي نهاية الأرب ٢٢ / ١٥٠ ثلاثة أبيات مثل الكامل ، وفيه «فتح أتاك» بدل «غنم أتاك» وفي تاريخ الخلفاء ٢٨٩ بيتان.
(٦) انظر الأبيات في : تاريخ الطبري ٨ / ٣٠٩ ، ٣١٠ ، والأغاني ١٨ / ٢٤٠.