قال ابن فارس : «القدر بفتح الدال وسكونه حدّ كل شيء ومقداره وقيمته وثمنه ، ومنه قوله تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) أي قدر بمقدار قليل» (١).
قال الراغب : «القدر والتقدير تبيين كمية الشيء يقال قدرته وقدّرته وقدّره بالتشديد: أعطاه القدرة فتقدير الأشياء على وجهين : أحدهما بإعطاء القدرة (وهذا خارج عن موضوع البحث) ، والثاني بأن يجعلها على مقدار مخصوص ووجه مخصوص حسب ما اقتضت الحكمة» ثم قال : «إنّ فعل الله تعالى ضربان : ضرب أوجده بالفعل ، ومعنى إيجاده بالفعل أنّه أبدعه كاملا دفعة واحدة لا تعتريه الزيادة والنقصان إلى أن يشاء أن يفنيه أو يبدله كالسّماوات وما فيها (٢). ومنها ما جعل أصوله موجودة بالفعل وأجزاءه بالقوة وقدّره على وجه لا يتأتى منه غير ما قدّره فيه كتقديره في النواة أن ينبت منها النخل دون التفاح والزيتون ، وتقدير منيّ الإنسان أن يكون منه الإنسان دون سائر الحيوانات وعلى ذلك قوله تعالى : (قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (٣) وقوله : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٤).
وقوله : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) (٥)» (٦).
إلى هنا وقفت على معنى القدر حسب اللّغة.
وأما القضاء ، فقد ذكروا له معاني كثيرة ، حتى أنّ الشيخ المفيد قال باستعمالها في معاني الخلق ، والأمر والإعلام ، والقضاء بالحكم ،
__________________
(١) المقاييس ، ج ٥ ، ص ٦٣.
(٢) الصحيح أن يمثل بالمجرّدات عن المادة فإنّ تقديرها هو اتصافها بالإمكان من دون أن يطرأ عليه التغيير والتبدّل وأما السّماوات فتغيرها أمر بديهي.
(٣) سورة الطلاق : الآية ٣.
(٤) سورة القمر : الآية ٤٩.
(٥) سورة عبس : الآية ١٩.
(٦) مفردات الراغب ، مادة «قدر» ، ص ٤٠٩ ، تحقيق نديم مرعشلي ، ط دار الكتاب العربي.