واستشهد لكلامه بآيات قرآنية (١).
وقال العلامة الحلّي باستعماله في معاني عشر ، واستدل لكل معنى بآية (٢).
والظاهر أنّه ليس له إلا معنى واحد ، وما ذكر من المعاني كلها مصاديق معنى واحد وأول من تنبه لهذه الحقيقة هو اللغوي المعروف أحمد بن فارس بن زكريا يقول : «القضاء أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته قال الله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) أي أحكم خلقهن .... إلى أن قال : والقضاء الحكم قال الله سبحانه في ذكر من قال : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) أي اصنع وأحكم ولذلك سمي القاضي قاضيا لانه يحكم الأحكام وينفذها وسميت المنية قضاء لأنّها أمر ينفذ في ابن آدم وغيره من الخلق»(٣).
وقال الراغب الأصفهاني : «القضاء فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا ، وكل واحد منهما على وجهين : إلهي وبشرى ، فمن القول الإلهي : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)(٤) أي أمر بذلك. ومن الفعل الإلهي : قوله سبحانه : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) (٥) إشارة إلى إيجاده الإبداعي والفراغ منه. ومن القول البشري نحو : «قضى الحاكم بكذا» ومن الفعل البشري : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) (٦)» (٧).
ولا يخفى إن ما ذكره ابن فارس أدقّ ومجموع النّصين من العلمين يرجع إلى أنّ أي قول أو عمل إذا كان متقنا محكما ، وجادا قاطعا ، وفاصلا صارما لا يتغير ولا يتبدل ، فذلك هو القضاء.
__________________
(١) شرح تصحيح الاعتقاد ، ص ١٩.
(٢) كشف المراد ، ص ١٩٥ ، طبعة صيدا.
(٣) المقاييس ، ج ٥ ، ص ٩٩.
(٤) سورة الاسراء : الآية ٢٣.
(٥) سورة فصّلت : الآية ١٢.
(٦) سورة البقرة : الآية ٢٠٠.
(٧) مفردات الرغب ، مادة قضى ، ص ٤٢١.