منها القدر (١). ويشير إليه الإمام الطاهر موسى بن جعفر بقوله : «لا يكون شيء في السموات والأرض إلّا بسبعة» وعدّ منها القضاء والقدر (٢).
فالعالم المشهود لنا لا يخلو من تقدير وقضاء. فتقديره تحديد الأشياء الموجودة فيه من حيث وجودها ، وآثار وجودها ، وخصوصيات كونها بما أنها متعلقة الوجود والآثار بموجودات أخرى ، أعني العلل والشرائط ، فيختلف وجودها وأحوالها باختلاف عللها وشرائطها ، فهي متشكلة بأشكال تعطيها الحدود التي تحدها من الخارج والداخل ، وتعين لها الأبعاد من عرض وطول وشكل وهيئة وسائر الأحوال من مقدار الحياة والصحة والعافية أو المرض والعاهة ما يناسب موقعها في العالم الإمكاني. فالتقدير يهدي هذا النوع من الموجودات إلى ما قدر له في مسير وجوده. قال تعالى : (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى* وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) أي هدى ما خلقه إلى ما قدر له. وقال سبحانه : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ* ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ)(٣).
وفي قوله سبحانه (ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ) إشارة لطيفة إلى أنّ التقدير لا يسلب منه الاختيار ، وفي وسع الإنسان أن يبطل بعض التقدير أو يؤيده ويدعمه فيذهب عن نفسه العاهة أو يؤكدها ويثبتها.
وأما قضاؤه ، فلما كانت الحوادث في وجودها وتحققها منتهية إليه سبحانه فما لم يتم لها العلل والشرائط الموجبة لوجودها فإنها تبقى على حال التردد بين الوقوع واللاوقوع فإذا تمّت عللها وعامة شرائطها ولم يبق لها إلا أن توجد ، كان ذلك من الله قضاء وفصلا لها من الجانب الآخر وقطعا للإبهام.
يقول السيد الطباطبائي رحمهالله : «إنا نجد الحوادث الخارجية والأمور الكونية بالقياس إلى عللها والأسباب المقتضية لها على إحدى الحالتين فإنها قبل أن تتم عللها الموجبة لها وقبل أن تتم الشرائط وترتفع
__________________
(١) البحار ، ج ٥ ، ص ٨٧ ، ح ٢.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٨٨ ، ح ٧.
(٣) سورة عبس : الآيتان ١٩ و ٢٠.