في الخارج ، وماهية تحد الوجود وتبين مرتبته في عالم الشهود والخارج. مثلا : الزّهرة الماثلة أمام أعيننا ، لها وجود به تتمثل أمام نظرنا ، ولها ماهية تحددها بحد النباتية ، وتميزها عن الجماد والحيوان. ولأجل ذلك الحد نحكم عليها أنها قد ارتقت من عالم الجماد ولم تصل بعد إلى عالم الحيوان. وبذلك تعرف أن واقعية الماهية هي واقعية التحديد. هذا من جانب.
ومن جانب آخر ، الماهية إذا لوحظت من حيث هي هي ، فهي غير الوجود كما هي غير العدم. بشهادة أنها توصف بالأول تارة وبالثاني أخرى ويقال : النبات موجود ، كما يقال : غير موجود. وهذا يوضح أن مقام الحد والماهية مقام التخلية عن الوجود والعدم ، بمعنى أن الإنسان عند النظر إلى ذات الشيء يراه عاريا عن كل من الوجود والعدم. ثم يصفه في الدرجة الثانية بأحدهما. وأما وجه كون الشيء في مقام الذات غير موجود ولا معدوم فلأجل أنه لو كان في مقام الذات والماهية موجودا ـ سواء أكان الوجود جزءه أو عينه ـ يكون الوجود نابعا من ذاته ، وما هذا شأنه يكون واجب الوجود ، يمتنع عروض العدم عليه. كما أنه لو كان في ذلك المقام معدوما ـ سواء أكان العدم جزءه أو عينه ـ يكون العدم نفس ذاته ، وما هذا شأنه يمتنع عليه عروض الوجود. فلأجل تصحيح عروض كل من الوجود والعدم لا مناص عن كون الشيء في مقام الذات خاليا عن كلا الأمرين حتى يصح كونه معروضا لأحدهما. وإلى هذا يهدف قول الفلاسفة : «الماهية من حيث هي هي لا موجودة ولا معدومة». ومع هذا كلّه فهي في الخارج لا تخلو إما أن تكون موجودة أو معدومة. فالنبات والحيوان والإنسان في خارج الذهن لا تفارق أحد الوصفين. وبهذا تبين أنّ اتصاف الماهية بأحد الأمرين يتوقف على علة ، لكن اتصافها بالوجود يتوقف على علة موجودة ، ويكفي في اتصافها بالعدم ، عدم العلة الموجودة. فاتصاف الماهيات بالأعدام الأزلية