خفيف المئونة ، بخلاف اتصافها بالوجود فإنه رهن وجود علة حقيقية خارجية.
وعلى ضوء هذا البيان يتضح أنه سبحانه منزّه عن التحديد والماهية وإلّا لزم أن يحتاج في اتصاف ماهيته بالوجود إلى علة (١). وما هذا شأنه لا يكون واجبا بل يكون ممكنا. وهذا يجرّنا إلى القول بأنه سبحانه صرف الوجود المنزه عن كل حد.
وأما الكبرى فإليك بيانها :
إن كل حقيقة من الحقائق إذا تجردت عن أي خليط وصارت صرف الشيء لا يمكن أن تتثنّى وتتعدد ، من غير فرق بين أن تكون صرف الوجود أو تكون وجودا مقرونا بالماهية كالماء والتراب وغيرهما. فإنّ كل واحد منها إذا لوحظ بما هو هو عاريا عن كل شيء سواه لا يتكرر ولا يتعدد. فالماء بما هو ماء ، لا يتصور له التعدد إلّا إذا تعدد ظرفه أو زمانه أو غير ذلك من عوامل التعدد والتميز.
فالماء الصرف والبياض الصرف والسواد الصرف ، وكل شيء صرف ، في هذا الأمر سواسية. فالتعدد والاثنينيّة رهن اختلاط الشيء مع غيره.
وعلى هذا ، فإذا كان سبحانه ـ بحكم أنه لا ماهية له ـ وجودا صرفا ، لا يتطرق إليه التعدد ، لأنه فرع التميز ، والتميز فرع وجود غيريّة فيه ، والمفروض خلوّه عن كل مغاير سواه ، فالوجود المطلق والتحقق بلا لون ولا تحديد ، والعاري عن كل خصوصية ومغايرة ، كلما فرضت له ثانيا يكون
__________________
(١) وهنا يبحث عن العلة ما هي؟ أهي نفس الوجود العارض على الماهية أو وجود آخر. فإن كان الأول لزم الدور ، وإن كان الثاني لزم التسلسل. والتفصيل يؤخذ من محله. لاحظ الأسفار ج ١ ـ فصل في أنه سبحانه صرف الوجود.